يرْمى بأنّه يعبث بمُوسَى بن عبد الْملك يتعشقه وعاتبه فِيهِ مُحَمَّد ابْن الجهم الْبَرْمَكِي فَكتب إِلَيْهِ أَحْمد بن يُوسُف
(لَا تعذلنَّي يَا أَبَا جَعْفَر ... لوم الأخلاء من اللوُّم)
(إِن استه مشربَة حمرَة ... كأنّها وجنة ملكوم)
فَتقدم مُحَمَّد إِلَى البَجلِيّ وَكَانَ فِي ناحيته فَأَجَابَهُ
(لست بلاحيك على حبِّه ... وَلست فِي ذَاك بمذموم)
(لأنّه فِي استه سخنة ... كأنّها سخنة مَحْمُوم)
حكى عَليّ بن يحيى ابْن أبي مَنْصُور أَن الْمَأْمُون كَانَ إِذا تبخرَّ طرح الْعود والعنبر فَإِذا تبخر أَمر بِإِخْرَاج المجمرة ووضعها تَحت الرّجل من جُلَسَائِهِ إِكْرَاما لَهُ فَحَضَرَ أَحْمد بن يُوسُف يَوْمًا وتبخر الْمَأْمُون على عَادَته ثمَّ أَمر أَن يوضع المجمر تَحت بن يُوسُف فَقَالَ هاتوا إِذا الْمَرْدُود فَقَالَ ألنا يُقَال هَذَا وَنحن نصل رجلا وَاحِدًا بِسِتَّة آلَاف ألف دِينَار إنّما قصدنا إكرامك وَأَن أكون أاوأنت قد اقْتَسَمْنَا بخوراً وَاحِدًا يحضر عنبر فأحضر مِنْهُ شَيْء فِي غَايَة الْجَوْدَة فِي كل قِطْعَة فِي المجمر يبخّر بهَا أَحْمد وَيدخل رَأسه فِي زيقه حَتَّى ينْفد بخورها وَفعل بِهِ ذَلِك وبقطعة ثَانِيَة وثالثة وَهُوَ يَصِيح ويستغيث وَانْصَرف إِلَى منزله وَقد احْتَرَقَ دماغه واعتلَّ وَمَات وَكَانَت لَهُ جَارِيَة يُقَال لَهَا نسيم كَانَ لَهَا من قلبه مَكَان خطير فَقَالَت ترثيه
(وَلَو أنّ مَيتا هابه الْمَوْت قبله ... لما جَاءَهُ الْمِقْدَار وَهُوَ هيوب)
(وَلَو أنّ حيّاً قبله صانه الردى ... إِذا لم يكن للْأَرْض فِيهِ نصيب)
وَقَالَت ترثيه أَيْضا
(نَفسِي فداؤك لَو بِالنَّاسِ كلّهم ... مَا بِي عَلَيْك تمنّوا أَنهم مَاتُوا)
(وللورى موتَة فِي الدَّهْر وَاحِدَة ... فألسننا حَرْب وأبصارنا سلم)
(وَتَحْت استراق اللحظ منا مودّةٌ ... تطلّع سرّاً حَيْثُ لَا يبلغ الْوَهم)
وَمن شعر أَحْمد بن يُوسُف قَوْله
(كم ليلةٍ فِيك لَا صباح لَهَا ... أحييتها قَابِضا على كَبِدِي)
)
(قد غصّت الْعين بالدموع وَقد ... وضعت خدّي على بنان يَدي)
(وَأَنت نَامَتْ عَيْنَاك فِي دعةٍ ... شتّان بَين الرّقاد والسّهد)
(كَأَن قلبِي إِذا ذكرتكم ... فريسةٌ بَين مخلبي أَسد)