(وَأعلم أنّها ستكرّ حَتَّى ... توفّي نذرها بِأبي الْوَلِيد)
فارتاع عبد الْملك لأنّه كَانَ يكنى أَبَا الْوَلِيد فَقَالَ أَرْطَأَة يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إنّما عنيت نَفسِي فَقَالَ عبد الْملك وَأَنا وَالله سيمربي مَا مرّ بك وَتُوفِّي أَرْطَأَة سنة سِتّ وَثَمَانِينَ لِلْهِجْرَةِ كَذَا قَالَه سبط ابْن الْجَوْزِيّ
وَقَالَ صَاحب الأغاني أَرْطَأَة بن عبد الله بن مَالك الذبياني شَاعِر فصيح إسلامي جواد كَانَ يُقَال لَهُ ابْن سهيّة دخل على عبد الْملك بن مَرْوَان فَقَالَ لَهُ كَيفَ حالك فَقَالَ ضعفت أوصالي وَضاع مَالِي وَقل مني مَا كنت أحب كثرته مَا كنت أحب قلته قَالَ فَكيف أَنْت فِي شعرك قَالَ وَالله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا أطرب وَلَا أغضب وَلَا أَرغب وَلَا أرهب وَمَا يكون الشّعْر إلاّ من هَذِه النتائج الْأَرْبَع على أَنِّي الْقَائِل رَأَيْت الْمَرْء تَأْكُله اللَّيَالِي
وَقَالَ دخل أَرْطَأَة على مَرْوَان بن الحكم لما اجْتمع لَهُ أَمر الْخلَافَة وَفرغ من الحروب فهنّأه وَكَانَ خَاصّا بِهِ ثمَّ أنْشدهُ
(تشكّى قلوصي إليّ الوجى ... تجرّ السريح وتبلي الخداما)
)
(تزور كَرِيمًا لَهُ عِنْدهَا ... يَد لَا تعدّ وتهدي السّلاما)
(وقلّ ثَوابًا لَهُ أَنَّهَا ... تجيد القوافي عَاما فعاما)
(سادت معداً على رغمها ... قُرَيْش وسدت قُريْشًا غُلَاما)
(نزعت على مهلٍ سَابِقًا ... فَمَا زادك النزع إِلَّا تَمامًا)
(تشقّ القوانس حَتَّى تنَال ... مَا تحتهَا ثمَّ تبري العظاما)
(فَزَاد لَك الله سُلْطَانه ... وَزَاد لَك الْخَيْر مِنْهُ فداما)
فَكَسَاهُ مَرْوَان وَأمر لَهُ بِثَلَاثِينَ نَاقَة وأوقرها برّاً وزبيباً وشعيراً
وَكَانَ أَرْطَأَة يتهاجى هُوَ وشبيب بن البرصاء فَقَالَ
(أَلا مبلغ فتيَان قومِي أنّني ... هجاني ابْن برصاءٍ الْيَدَيْنِ شبيب)
(وَفِي آل عوفٍ من يهود قَبيلَة ... تشابه مِنْهَا ناشؤون وشيب)
مِنْهَا
(فَمَا ذنبنا أَن امّ حَمْزَة جَاوَرت ... بِيَثْرِب أتياساً لَهُنَّ نبيب)
(وأنّ رجَالًا بَين سلعٍ وواقم ... لأير أَبِيهِم فِي أَبِيك نصيب)
(فَلَو كنت عوفياً عميت وأسهلت ... كداك وَكن الْمُرِيب مريب)
وَلما قَالَ هَذَا الشّعْر كن كل شيخ من بني عَوْف يتَمَنَّى أَن يعمى وَكَانَ الْعَمى شَائِعا فِي بني