أَجَابَهُ الصدا يَا إِبْرَاهِيم فَقعدَ سَاعَة ثمَّ أَنْشدني من الطَّوِيل
(بنفسي حبيبٌ جارَ وَهُوَ مُجاورٌ ... بعيدٌ عَن الْأَبْصَار وَهُوَ قريبُ)
(يُجيب صَدا الْوَادي إِذا مَا دعوتُه ... على أنّه صخرٌ وَلَيْسَ يُجيب)
وَكَانَ بَينه وَبَين صَاحب لَهُ مَوَدَّة أكيدة ثمَّ جرى بَينهمَا عتاب وَانْقطع ذَلِك الصاحب عَنهُ فسير إِلَيْهِ يعتبه لانقطاعه فَكتب إِلَيْهِ بَيْتِي الحريري وهما فِي المقامات من الْخَفِيف
(لَا تَزُرْ من تحبّ فِي كلّ شهر ... غيرَ يومٍ وَلَا تَزِدْه عليهِ)
(فاجتْلاءُ الْهلَال فِي الشَّهْر يومٌ ... ثمَّ لَا تنظر العيونُ إليهِ)
)
فَكتب إِلَيْهِ بهاء الدّين من نظمه من الوافر
(إِذا حقّقْتَ من خِلّ وداداً ... فَزُرْه وَلَا تَخَفْ مِنْهُ مَلالا)
(وكُنْ كَالشَّمْسِ تطلع كلَّ يومٍ ... وَلَا تَكُ فِي زيارته هلالا)
وَمن شعره أَيْضا من السَّرِيع
(لله أيّامي على رامةٍ ... وطيبُ أوقاتي على حاجر)
(تكَاد للسرعة فِي مَرّها ... أوّلُها يعثر بِالْآخرِ)
قلت أَخذه من قَول الأول من الْبَسِيط
(يَا لَيْلَة كَاد من تَقاصُرها ... يعثر فِيهَا الْعشَاء بالسَّحَر)
وَمن شعره من مجزوء الْكَامِل
(وَمن الْعَجَائِب أنّني ... فِي لُجِّ بَحر الْجُود راكبْ)
(وأموت من ظَمَإ ول ... كنْ عادةُ الْبَحْر الْعَجَائِب)
قلت يشبه قَول النَّاصِر دَاوُد فِي قصيدته الَّتِي مدح بهَا الإِمَام الْمُسْتَنْصر بِاللَّه وَكَانَ قد حجبه لأجل عَمه الْكَامِل من الطَّوِيل
(وَبِي ظَمَأٌ رُؤْيَاك مَنْهَلُ ريّه ... وَلَا غَرْوَ أَن تصفو لديَّ مشاربُهْ)
(وَمن عجبٍ أَنِّي لَدَى الْبَحْر واقفٌ ... وأشكو الظَما وَالْبَحْر جمٌّ عجائبه)
ولبهاء الدّين السنجاري أَبْيَات خمرية مِنْهَا قَوْله من الْبَسِيط
(كَادَت تطير وَقد طِرْنا بهَا طَربا ... لَوْلَا الشِّباك الَّتِي صيغَتْ من الحَبب)
وَكَانَت وِلَادَته سنه ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي رَحمَه الله سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وسِتمِائَة
وَمِنْهُم من قَالَ فِيهِ شهَاب الدّين أَبُو السعادات وَقَالَ ولي قَضَاء دنيسر وخدم تَقِيّ الدّين عمر صَاحب حماة