للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَبلغ الشّعْر عبد الْملك بن مَرْوَان فَقَالَ عرض بِنَا الْخَبيث فِي شعره قلت كَذَا رَوَاهُ الروَاة)

فَحذف الْمُضَاف وَأبقى الْمُضَاف إِلَيْهِ لِأَنَّهُ أَرَادَ أَسمَاء بن خَارِجَة مَاذَا عَلَيْهِ لَو كَانَ قَالَ إِذا مَا مَاتَ أَسمَاء بن حصن فَإِن نسبته إِلَى جده أَهْون من حذف اسْمه وَإِقَامَة اسْم أَبِيه مقَامه

فَإِن الْإِضَافَة إِلَى الأجداد أَمر مَشْهُور على أَنه كَانَ يَأْتِي بِنَوْع من البديع وَهُوَ الجناس بَين أَسمَاء وَالسَّمَاء فِي قافية الْبَيْت

وَحكى أَبُو الْيَقظَان قَالَ دخل أَسمَاء بن خَارِجَة على عبد الْملك بن مَرْوَان فَقَالَ لَهُ بِمَ سدت النَّاس فَقَالَ هُوَ من غَيْرِي أحسن فَقَالَ لَهُ بَلغنِي عَنْك خِصَال شريفة وَأَنا أعزم عَلَيْك إِلَّا ذكرت بَعْضهَا فَقَالَ أما إِذْ عزمت عَليّ فَنعم فَقَالَ عبد الْملك هَذِه أَولهَا فَقَالَ أَسمَاء مَا سَأَلَني أحد حَاجَة إِلَّا وَرَأَيْت لَهُ الْفضل عَليّ وَلَا دَعَوْت أحدا إِلَى طَعَام إِلَّا وَرَأَيْت لَهُ الْمِنَّة عَليّ وَلَا جلس إِلَيّ رجل إِلَّا وَرَأَيْت لَهُ الْفضل عَليّ وَلَا تقدّمت جَلِيسا بركبة قطّ وَلَا قصدني قَاصد فِي حَاجَة إِلَّا وبالغت فِي قَضَائهَا وَلَا شتمت أحدا قطّ لِأَنَّهُ يَشْتمنِي أحد رجلَيْنِ إِمَّا كريم فَكَانَت مِنْهُ هفوة فَأَنا أَحَق بغفرها وَإِمَّا لئيم فأصون عرضي عَنهُ فَقَالَ لَهُ عبد الْملك حق لَك أَن تكون سيداً

وَقَالَ ابْن الْكَلْبِيّ خرج أَسمَاء فِي أَيَّام الرّبيع إِلَى ظَاهر الْكُوفَة فَنزل فِي رياض معشبة وَهُنَاكَ رجل من بني عبس نَازل فَلَمَّا رأى قباب أَسمَاء وأبنيته قوض أبنيته ليرحل فَقَالَ لَهُ أَسمَاء مَا شَأْنك فَقَالَ لي كلب هُوَ أحب إِلَيّ من وَلَدي وأخاف أَن يؤذيكم فيقتله بعض غِلْمَانكُمْ فَقَالَ لَهُ أقِم وَأَنا ضَامِن لكلبك ثمَّ قَالَ لِغِلْمَانِهِ إِذا رَأَيْتُمْ كَلْبه قد ولغَ فِي قدوري وقصاعي فَلَا تهيجوه وَأقَام على ذَلِك مُدَّة ثمَّ ارتحل أَسمَاء وَنزل الروحية رجل من بني أَسد وَجَاء الْكَلْب على عَادَته فَضَربهُ الْأَسدي فَقتله فجَاء الْعَبْسِي إِلَى أَسمَاء فَقَالَ لَهُ أَنْت قتلت كَلْبِي قَالَ وَكَيف قَالَ عودته عَادَة ذهب يرومها من غَيْرك فَقتل فَأمر لَهُ بِمِائَة ناقةٍ دِيَة الْكَلْب

وَلما أَرَادَ أَسمَاء أَن يهدي ابْنَته إِلَى زَوجهَا قَالَ لَهَا يَا بنية كوني لزوجك أمة يكن لَك عبدا وَلَا تدني مِنْهُ فَيملك وَلَا تتباعدي عَنهُ فيتغير عَلَيْك وكوني لَهُ كَمَا قلت لأمك من الطَّوِيل

(خذُي العفْو مِنّي تستديمي مودتي ... وَلَا تنطقي فِي سَوْرتي حِين أغضب)

(فإنّي رَأَيْت الحُبّ فِي الصَّدْر والأذى ... إِذا اجْتمعَا لم يلبث الحبُّ يَذهبُ)

وَقَالَ الرياشي قَالَ أَسمَاء بن خَارِجَة لامْرَأَته اخضبي لحيتي فَقَالَت إِلَى كم ترقع مِنْك مَا)

خلق فَقَالَ من الْبَسِيط

(عيّرتِني خَلَقاً أبديتُ جدّتَه ... وَهل رأيتِ جَدِيدا لم يعُدْ خَلَقا)

(كَمَا لبستِ جديدي فالبسي خَلَقي ... فَلَا جديدَ لمن لم يلبس الخَلَقا)

وَأسْندَ أَسمَاء عَن عَليّ بن أبي طَالب وَابْن مَسْعُود وروى عَنهُ ابْنه مَالك وَعلي بن ربيعَة الْأَسدي وَتُوفِّي وَهُوَ ابْن ثَمَانِينَ سنة وَفِي سنة سِتّ وَسِتِّينَ لِلْهِجْرَةِ وَقيل سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>