جواداً ممدحاً ولي الوزارة للمعتمد سنة خمس وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ بعد وزارة الْحسن بن مخلد الثَّانِيَة فَبَقيَ مُدَّة يسيرَة ثمَّ عزل ثمَّ وَليهَا ثَانِيَة سنة خمس وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ فِي شَوَّال ثمَّ عزل فِي شهر رَمَضَان سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَنفي إِلَى بَغْدَاد ثمَّ أُعِيد إِلَى الوزارة نوبَة ثَالِثَة حِين قبض على صاعد بن الْوَزير ولقب بالشكور وَذَلِكَ فِي ثَالِث عشر شهر رَجَب سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَمِائَتَيْنِ بواسط وَكَانَ وَاسع النَّفس وظيفته فِي كل يَوْم سَبْعُونَ جدياً وَمِائَة حمل وَمِائَة رَطْل من سَائِر الْحَلْوَى وَلم يزل على وزارته إِلَى أَن توفّي الْمُوفق أَخُو الْمُعْتَمد وَبعد مَوته بيومين لخمس ليالٍ بَقينَ من صفر سنة ثمانٍ وَسبعين وَمِائَتَيْنِ قبض أَحْمد بن الْمُوفق الملقب بالمعتضد وَعَمه الْمُعْتَمد هُوَ الْخَلِيفَة على أبي الصَّقْر الْوَزير وكبله بالحديد وَألبسهُ جُبَّة صوف مغموسة بدبس وَمَاء الأكارع وَتَركه فِي الشَّمْس وعذبه بأنواع الْعَذَاب إِلَى أَن هلك وَكَانَت وزارته الثَّالِثَة خمس سِنِين وَسَبْعَة أشهر واثنتين وَعشْرين يَوْمًا وَلما مَاتَ رَآهُ إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ أَو غَيره من الْعلمَاء الصلحاء فِي مَنَامه فَقَالَ لَهُ مَا فعل الله بك يَا أَبَا الصَّقْر قَالَ غفر لي بِمَا لقِيت وَلم يكن الله عز وَجل ليجمع عَليّ عَذَاب الدُّنْيَا وَالْآخِرَة)
وَلما قصد صاعد الْوَزير إِسْمَاعِيل بن بلبل لزم دَاره وَكَانَ لَهُ حمل قد قرب وَضعه فَطلب منجماً يَأْخُذ مولده فَأتي بِهِ فَقَالَ بعض من حضر هَا هُنَا أَعْرَابِي عائف لَيْسَ فِي الدُّنْيَا أحذق مِنْهُ فَأحْضرهُ فَلَمَّا دخل قَالَ لَهُ إِسْمَاعِيل تَدْرِي لماذا طلبناك فَقَالَ نعم فأدار عينه فِي الدَّار فَقَالَ لتسألني عَن حمل فَقَالَ أَي شَيْء هُوَ أذكر أَو أُنْثَى فأدار عينه فَقَالَ ذكر فَقَالَ للمنجم مَا تَقول فِي هَذَا قَالَ هَذَا جهل فَبينا هم كَذَلِك إِذْ طَار زنبور على رَأس إِسْمَاعِيل وَغُلَام يذب عَنهُ فَقتله فَقَامَ الْأَعرَابِي فَقَالَ قتلت وَالله المتزنر وَوليت مَكَانَهُ ولي حق الْبشَارَة وَجعل يرقص وَإِسْمَاعِيل يسكنهُ فَبينا هم كَذَلِك إِذْ وَقعت الصَّيْحَة بِخَبَر الْولادَة وَقَالُوا مَوْلُود ذكر فسر إِسْمَاعِيل بذلك لإصابة العائف ووهبه شَيْئا وَمَا مضى على ذَلِك إِلَّا دون الشَّهْر حَتَّى استدعى الْمُوفق إِسْمَاعِيل وقلده الوزارة وَسلم إِلَيْهِ صاعداً فَكَانَ يعذبه إِلَى أَن قَتله وَلما سلم إِلَيْهِ صاعد ذكر كَلَام العائف فَأحْضرهُ وَقَالَ أَخْبرنِي من أَيْن علمت مَا قَتله لي ذَلِك الْيَوْم وَلَيْسَ لَك علم بِالْغَيْبِ فَقَالَ نَحن نتفاءل ونزجر وَأَنت سَأَلتنِي أَولا فنلمحت الدَّار فَوَقَعت عَيْني على برادة عَلَيْهَا كيزان معلقَة فِي أَعْلَاهَا فَقلت حمل ثمَّ قلت لي أذكر أم أُنْثَى فتلمحت فَرَأَيْت فَوق البرادة عصفوراً ذكرا فَقلت ذكر ثمَّ طَار الزنبور عَلَيْك وَهُوَ محْضر وَالنَّصَارَى يتحضرون بالزنانير والزنبور عَدو يُرِيد أَن يلسعك وصاعد نَصْرَانِيّ الأَصْل وَهُوَ عَدوك فزجرت أَن الْغُلَام لما قَتله أَنَّك ستقتله فَاسْتحْسن ذَلِك ووهبه شَيْئا صَالحا وَصَرفه
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس ابْن الْفُرَات كنت حَاضر مجْلِس إِسْمَاعِيل بن بلبل فِي وزارته وَقد جلس
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute