وَمَا وَكلتك إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ إِلَّا حَيْثُ لم يكن لي بِهِ قُوَّة وَلَا آوي إِلَى ركن شَدِيد ودعا لعبد الْملك وَقَالَ إِن رَأَيْت خيرا حمدت وَإِن رَأَيْت شرا صبرت وَبِاللَّهِ استعنت وَكتب الْحجَّاج إِلَى عبد الْملك أما بعد فَأصْلح الله أَمِير الْمُؤمنِينَ وأبقاه وَلَا أعدمناه وصلني الْكتاب يذكر فِيهِ شتمي وتعييري بِمَا كَانَ قبل نزُول النِّعْمَة بِي من أَمِير الْمُؤمنِينَ وَيذكر استطالتي على أنس جرْأَة منى على أَمِير الْمُؤمنِينَ وغرة مني بِمَعْرِِفَة سطواته ونقماته وأمير الْمُؤمنِينَ أعزه الله فِي قرَابَته من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَحَق من أقالني عثبرتي وَعَفا عَن جريمتي وَلم يعجل عقوبتي ورأيه العالي فِي تفريج كربتي وتسكين روعتي أقاله الله العثرات قد رأى إِسْمَاعِيل ابْن أبي المُهَاجر خضوعي لأنس وإعظامي إِيَّاه وَاعْتذر اعتذاراً كثيرا
وَلما قدم الْحجَّاج الْعرَاق أرسل إِلَى أنس فَقَالَ يَا أَبَا حَمْزَة إِنَّك قد صبحت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرَأَيْت من عمله وَسيرَته ومنهاجه فَهَذَا خَاتمِي فَلْيَكُن فِي يدك فَأرى بِرَأْيِك وَلَا أعمل شَيْئا إِلَّا بِأَمْرك فَقَالَ لَهُ أنس أَنا شيخ كَبِير قد ضعفت ورققت وَلَيْسَ فِي الْيَوْم ذَاك
فَقَالَ قد عملت لفُلَان وَفُلَان فَمَا بالي أَنا فَانْظُر إِن كَانَ فِي بنيك مِمَّن تثق بِدِينِهِ وأمانته وعقله قَالَ مَا فِي نَبِي من أَثِق لَك بِهِ وَكثر الْكَلَام بَينهمَا
وَقَالَ يَوْمًا من جملَة كَلَام لقد عبت فَمَا تركت شَيْئا وَلَوْلَا خدمتك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكتاب أَمِير الْمُؤمنِينَ لَكَانَ لي وَلَك شَأْن من الشَّأْن فَقَالَ أنس هَيْهَات إِنِّي لما خدمت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم