عين التَّمْر وَعَلَيْهَا عَامل للحجاج بن يُوسُف وَكَانَ الْعَامِل يغدي كل يَوْم ويعشي فَوقف ابْن الْقرْيَة بِبَابِهِ فَرَأى النَّاس يدْخلُونَ فَقَالَ أَيْن يدْخل هَؤُلَاءِ قَالُوا إِلَى طَعَام الْأَمِير فَدخل فتغدى وَقَالَ أكل يَوْم يصنع الْأَمِير مَا أرى فَقيل نعم وَكَانَ يَأْتِي كل يَوْم بَابه للغداء وَالْعشَاء إِلَى أَن ورد كتاب من الْحجَّاج على الْعَامِل وَهُوَ عَرَبِيّ غَرِيب لَا يدْرِي مَا هُوَ فَأخر لذَلِك طَعَامه فجَاء ابْن الْقرْيَة فَلم ير الْعَامِل يتغدى فَقَالَ مَا بَال الْأَمِير لَا يَأْكُل وَلَا يطعم فَقَالُوا اغتم لكتاب ورد عَلَيْهِ من الْحجَّاج عَرَبِيّ غَرِيب لَا يدْرِي مَا هُوَ قَالَ ليقرئني الْأَمِير الْكتاب فَأَنا أفسره إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَكَانَ خَطِيبًا لسناً بليغاً فَذكر ذَلِك للوالي فَدَعَا لَهُ فَلَمَّا قرئَ الْكتاب عَلَيْهِ عرف الْكَلَام وَفَسرهُ للوالي حَتَّى عرف جَمِيع مَا فِيهِ فَقَالَ لَهُ أفتقدر على جَوَابه قَالَ لست أَقرَأ وَلَا أكتب وَلَكِن ادْع كَاتبا يكْتب مَا أمليه فَفعل فَكتب جَوَاب الْكتاب فَلَمَّا قرئَ الْكتاب على الْحجَّاج رأى كلَاما عَرَبيا غَرِيبا فَعلم أَنه لَيْسَ من كَلَام كَاتب الْعَامِل وَلَا كتاب الْخراج فَدَعَا برسائل عين التَّمْر فَنظر فِيهَا فرآها لَيست ككتاب ابْن الْقرْيَة فَكتب الْحجَّاج إِلَى الْعَامِل أما بعد فقد أَتَانِي كتابك بَعيدا من جوابك بمنطق غَيْرك فَإِذا نظرت إِلَى كتابي هَذَا فَلَا تضعه من يدك حَتَّى تبْعَث بِالرجلِ الَّذِي صدر لَك الْكتاب وَالسَّلَام
فَقَرَأَ الْعَامِل الْكتاب على ابْن الْقرْيَة وَقَالَ لَهُ تتَوَجَّه نَحوه قَالَ أَقلنِي قَالَ لَا بَأْس عَلَيْك وَأمر لَهُ بكسوة وَنَفَقَة وَحمله إِلَى الْحجَّاج فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ قَالَ مَا اسْمك قَالَ أَيُّوب قَالَ اسْم نَبِي وَقَالَ أَظُنك أُمِّيا تحاول البلاغة وَلَا تستصعب عَلَيْك مقالها وَأمر لَهُ بِنزل ومنزل فَلم يزل يزْدَاد بِهِ عجبا حَتَّى أوفده على عبد الْملك بن مَرْوَان فَلَمَّا خلع عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن الْأَشْعَث بن قيس الْكِنْدِيّ الطَّاعَة بسجستان بَعثه الْحجَّاج إِلَيْهِ فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ قَالَ لَهُ)
لتقومن خَطِيبًا ولتخلعن عبد الْملك ولتسبن الْحجَّاج أَو لَأَضرِبَن عُنُقك قَالَ أَيهَا الْأَمِير إِنَّمَا أَنا رَسُول قَالَ هُوَ مَا أَقُول لَك فَقَامَ وخطب وخلع عبد الْملك وَشتم الْحجَّاج وَأقَام هُنَالك فَلَمَّا انْصَرف ابْن الْأَشْعَث مهزوماً كتب الْحجَّاج إِلَى عماله بِالريِّ وأصبهان وَمَا يليهما أَمرهم أَن لَا يمر بهم أحد من فل ابْن الْأَشْعَث إِلَّا بعثوا بِهِ أَسِيرًا وَأخذ ابْن الْقرْيَة فِيمَن أَخذ فَلَمَّا أَدخل على الْحجَّاج قَالَ أَخْبرنِي عَمَّا أَسأَلك عَنهُ قَالَ سلني عَمَّا شِئْت قَالَ أَخْبرنِي عَن أهل الْعرَاق قَالَ أسْرع النَّاس إِلَى فتْنَة وأعجزهم عَنْهَا قَالَ فَأهل الشَّام قَالَ أطوع النَّاس لخلفائهم قَالَ فَأهل مصر قَالَ عبيد من غلب قَالَ فَأهل الْبَحْرين قَالَ نبط استعربوا قَالَ فَأهل عمان قَالَ عرب استنبطوا قَالَ فَأهل الْموصل قَالَ أَشْجَع فرسَان وأقتل للأقران قَالَ فَأهل الْيمن قَالَ هم أهل سمع وَطَاعَة وَلُزُوم الْجَمَاعَة قَالَ فَأهل الْيَمَامَة قَالَ أهل جفَاء واختلاق أهواء وأصبر عِنْد اللِّقَاء قَالَ فَأهل فَارس قَالَ أهل بَأْس شَدِيد وَشر عتيد وزيف كثير وقرىً يسير قَالَ أَخْبرنِي عَن الْعَرَب قَالَ سلني قَالَ قُرَيْش قَالَ أعظمها أحلاماً وَأَكْرمهَا مقَاما قَالَ فبنو عَامر بن صعصعة قَالَ أطولها رماحاً وَأَكْرمهَا صباحاً قَالَ فبنو سليم قَالَ أعظمها مجَالِس وَأَكْرمهَا محابس قَالَ فثقيف قَالَ أكرمها جدوداً وأكثرها وفوداً قَالَ فبنو
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute