للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَعشْرين استنابه على ديار مصر وَلما رَجَعَ انتقد عَلَيْهِ أحوالاً وَمَال عَنهُ إِلَى الْعَادِل وَلَده وَلما استولى الْكَامِل على حران وحصن كيفا وسنجار سلطنه وجهزه على هَذِه الْبِلَاد ملكا فَلَمَّا تولى الْعَادِل أَخُوهُ على مصر طمع الصَّالح وقويت نَفسه وَكَاتب الْأُمَرَاء واستخدم الخوارزمية وَكَانَ الْجواد بِدِمَشْق فخاف من الْعَادِل فكاتب الصَّالح وَاتفقَ مَعَه على أَن يُعْطِيهِ سنجار والرقة وعانة وَيَأْخُذ مِنْهُ دمشق فَقَدمهَا الصَّالح وملكها وَأقَام بهَا أشهراً فِي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ ثمَّ سَار إِلَى نابلس وراسل المصريين واستمالهم وَكَانَ عَمه الصَّالح إِسْمَاعِيل على إمرة بعلبك فَقَوِيت نَفسه على دمشق وَكَاتب أَهلهَا وساعده الْمُجَاهِد صَاحب حمص وهجم على الْبَلَد فَأَخذهَا ورد الصَّالح أَيُّوب إِلَيْهَا فخذله عسكره فَجهز النَّاصِر دَاوُد من الكرك عسكراً قيضوا على الصَّالح بنابلس وَأتوا بِهِ إِلَيْهِ فاعتقله مكرماً وَتغَير المصريون على الْعَادِل وكاتبهم النَّاصِر وتوثق مِنْهُم وَأخرج الصَّالح وَشرط عَلَيْهِ شُرُوطًا كَثِيرَة إِن ملك مصر مِنْهَا أَن يُعْطِيهِ دمشق وأموالاً وذخائر ذكرهَا وَسَار إِلَى غَزَّة فبرز الْعَادِل إِلَى بلبيس بجيشه وَهُوَ شَاب غر فَقبض عَلَيْهِ مماليكه فساق النَّاصِر دَاوُد والصالح أَيُّوب إِلَى بلبيس وَنزل بالمخيم السُّلْطَان نجم الدّين أَيُّوب وَأَخُوهُ معتقل فِي خركاه فَقَامَ فِي اللَّيْل وَأخذ أَخَاهُ فِي محفة وَدخل قلعة الْجَبَل وَجلسَ على كرْسِي الْملك فندم الْأُمَرَاء وَاحْترز مِنْهُم وَأمْسك مِنْهُم جمَاعَة سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وست مائَة

وَكَانَ ملكا مهيباً جباراً ذَا سطوة وجلالة وَكَانَ فصيحاً حسن المحاورة عفيفاً عَن الْفَوَاحِش فَأمر مماليكه الأتراك وَلما خرج من مصر خَافَ أَخَاهُ الْعَادِل فَقتله سرا فَلم يمتع وَوَقعت الآكلة فِي رجله بِدِمَشْق فِي فَخذه وَنزل الإفرنس بجيوشه على دمياط فَأَخذهَا فَسَار إِلَيْهِ الصَّالح فِي محفة حَتَّى نزل بالمنصورة عليلاً ثمَّ عرض لَهُ إسهال إِلَى أَن توفّي لَيْلَة نصف)

شعْبَان من السّنة الْمَذْكُورَة وأخفي مَوته حَتَّى أحضر وَلَده الْمُعظم توران شاه من حصن كيفاء وملكوه بعده فَدخل ابْن عَمه نَائِب السلطنة فَخر الدّين ابْن الشَّيْخ من الْغَد خيمة السُّلْطَان وَقرر مَعَ الطواشي محسن أَن يظْهر أَن السُّلْطَان أَمر بتحليف النَّاس لوَلَده الْمُعظم ولولي عَهده فَخر الدّين فَحَلَفُوا إِلَّا أَوْلَاد النَّاصِر توقفوا وَقَالُوا نُرِيد نبصر السُّلْطَان فَدخل الْخَادِم وَخرج وَقَالَ مَا يَشْتَهِي أَن تروه على هَذِه الْحَالة فَحَلَفُوا وَكَانَت أم وَلَده شجر الدّرّ ذَات رَأْي وشهامة قد وليت الْملك مُدَّة شَهْرَيْن أَو أَكثر وخطب لَهَا على المنابر وَبَقِي الْملك بعده فِي موَالِيه الأتراك إِلَى الْيَوْم وَدفن بتربته الصالحية الَّتِي بَين القصرين الَّتِي فِيهَا تدريس الْأَرْبَعَة مَذَاهِب وَدفن إِلَى مَا يخْتَص بالمالكية وَلذَلِك قَالَ فِيهِ ابْن السنينيرة الشَّاعِر

(بنيت لأرباب الْعُلُوم مدارساً ... لتنجو بهَا من هول يَوْم المهالك)

<<  <  ج: ص:  >  >>