للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ولد زناء وَأمه عوراء تعرف برومية العلجة وَكَانَت فقيرة من قرى أذربيجان فشغف بهَا رجل من النبط من أهل السوَاد اسْمه عبد الله فَحملت بِهِ فَلَمَّا وَضعته جعلت تكتسب لَهُ إِلَى أَن بلغ فاستأجره أهل قريته بطعامه وَكسوته على رعي أغنامهم وَكَانَ بِتِلْكَ الْجبَال قوم من الخرمية وَعَلَيْهِم رئيسان يُقَال لأَحَدهمَا جاويدان وَالْآخر عمرَان وَكَانَا يتكافحان فَمر جاويدان بقرية بابك فتفرس فِيهِ الجلادة فاستأجره من أمه وَحمله إِلَى ناحيته فعشقته امْرَأَته فَمَا لبث إِلَّا قَلِيلا حَتَّى وَقع بَين جاويدان وَعمْرَان حَرْب فأصابت جاويدان جِرَاحَة فَمَاتَ مِنْهَا فَزَعَمت امْرَأَته أَنه قد اسْتخْلف بابك على أمره فصدقوها فَجمع بابك أَصْحَابه وَأمرهمْ أَن يقتلُوا بِاللَّيْلِ من لقوا من رجل أَو صبي فَأصْبح النَّاس قَتْلَى لَا يدرى من قَتلهمْ ثمَّ انضوى إِلَيْهِ الزراع وقطاع الطَّرِيق حَتَّى صَار عِنْده عشرُون ألف فَارس فأظهر مَذْهَب الباطنية واحتوى على مدن وحصون فأخرب الْحُصُون وَلما ولي المعتصم بعث أَبَا سعيد مُحَمَّد بن يُوسُف إِلَى أردبيل وَأمره أَن يَبْنِي الْحُصُون الَّتِي أخربها بابك فبناها ثمَّ بعث إِلَيْهِ الأفشين فحصره وقاتله وأسره وَلما أحضروه أركبه المعتصم فيلاً وَألبسهُ قبَاء ديباج وقلنسوة سمور وَهُوَ وَحده وَقد خضب الْفِيل بِالْحِنَّاءِ فَقَالَ مُحَمَّد بن عبد الْملك بن الزيات

(قد خضب الْفِيل لعاداته ... ليحمل شَيْطَان خُرَاسَان)

(والفيل لَا تخضب أعضاؤه ... إِلَّا لذِي شَأْن من الشان)

وَقَالَ المعتصم

(لم يزل بابك حَتَّى ... صَار للْعَالم عبره)

(ركب الْفِيل وَمن ير ... كب فيلاً فَهُوَ شهره)

وَأمر جزاراً بِقطع يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ فَقطعت وَأمر بذَبْحه وشق بَطْنه وَبعث بِرَأْسِهِ إِلَى خُرَاسَان وصلب بدنه بسر من رأى عِنْد الْعقبَة وَمَوْضِع خشبته مَشْهُور وَأمر بِحمْل أَخِيه عبد الله إِلَى بَغْدَاد مَعَ ابْن سروين البطريق إِلَى إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم فَفعل بِهِ كَمَا فعل بأَخيه بابك وصلب بالجانب الشَّرْقِي بَين الجسرين وَيُقَال إِن أَخَاهُ عبد الله لما دخل بهما على المعتصم قَالَ لَهُ يَا)

بابك إِنَّك قد عملت مَا لم يعمله أحد فاصبر صبرا لم يصبره أحد فَقَالَ سترى صبري فبدئ ببابك قبل أَخِيه وَقطعت يَده فَمسح بدمه وَجهه فَقَالَ المعتصم سلوه لم فعل هَذَا فَقَالَ فِي نفس الْخَلِيفَة أَن لَا يكويها ويدع دمي ينزف إِلَى أَن أَمُوت أَو يضْرب عنقِي فَخَشِيت إِذا خرج الدَّم من جَسَدِي يصفر وَجْهي فيعتقد من حضرني أَنِّي قد جزعت من الْمَوْت فغطيت وَجْهي بِالدَّمِ لهَذَا فَقَالَ المعتصم لَوْلَا أَن أَفعاله لَا توجب الصنيعة لعفوت عَنهُ ولكان حَقِيقا بالاستبقاء وَكَانَ قَتله سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ

وَكَانَ المعتصم بعث نفقات الجيوش بِسَبَب بابك فِي أول السّنة الْمَذْكُورَة ثَلَاثِينَ ألف ألف

<<  <  ج: ص:  >  >>