للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

عِنْده وَكَانَت الشرقية تحمى لَهُ بعد بكتمر الساقي وَزَاد أمره وَعظم مَحَله وَثقل على السُّلْطَان وَأَرَادَ الفتك بِهِ فَمَا تمكن وَتوجه إِلَى الْحجاز وَأنْفق فِي الْأُمَرَاء وَأهل الركب والفقراء المجاورين بِمَكَّة وَالْمَدينَة شَيْئا كثيرا للغاية من آلَاف الدَّنَانِير إِلَى الدِّينَار على مَرَاتِب النَّاس وطبقاتهم وَلما عَاد من الْحجاز لم يدر بِهِ السُّلْطَان إِلَّا وَقد حضر إِلَيْهِ فِي نفر قَلِيل من مماليكه وَقَالَ إِن أردْت إمساكي فها أَنا قد جِئْت إِلَيْك برقبتي فكابره السُّلْطَان وَطيب خاطره وَكَانَ غير عفيف الذيل عَن الْمليح والقبيح وَبَالغ فِي ذَلِك وأفرط حَتَّى فِي نسَاء الفلاحين وَغَيرهم وَرمي بأوابد ودواهي من هَذِه الْمَادَّة وَكَانَ سَبَب قربه أَن السُّلْطَان قَالَ لمجد الدّين السلَامِي أُرِيد تشتري لي من الْبِلَاد مَمْلُوكا يشبه بو سعيد يَعْنِي ملك التتار فَقَالَ لَهُ هَذَا بشتاك يُشبههُ وجرده السُّلْطَان لإمساك الْأَمِير سيف الدّين تنكز فَحَضَرَ إِلَى دمشق بعد إِمْسَاكه هُوَ وَعشرَة أُمَرَاء وَنزل الْقصر الأبلق وَفِي خدمته الْأَمِير سيف الدّين أرقطاي وبرسبغا وطاجار الدوادار وَغَيره وَحَال نُزُوله حلف الْأُمَرَاء كلهم للسُّلْطَان وَذريته واستخرج ودائع تنكز وَعرض حواصله ومماليكه وخيله وجواربه وكل مَا يتَعَلَّق بِهِ ووسط)

طغاي وجنغاي مملوكي تنكز فِي سوق الْخَيل وأوزان أَيْضا فِي سوق الْخَيل بِحُضُورِهِ يَوْم الموكب وَأقَام بِدِمَشْق خَمْسَة عشر يَوْمًا أَو مَا حولهَا وَعَاد إِلَى مصر وَبَقِي فِي نَفسه من دمشق وَمَا يَجْسُر يفاتح السُّلْطَان فِي ذَلِك فَلَمَّا مرض السُّلْطَان وأشرف على الْمَوْت ألبس الْأَمِير سيف الدّين قوصون مماليكه فَدخل بشتاك وَعرف السُّلْطَان ذَلِك فَقَالَ لَهُ افْعَل أَنْت مثله ثمَّ إِنَّه جمع بَينهمَا وتصالحا قدامه وَنَصّ السُّلْطَان على أَن يكون الْملك بعده لوَلَده الْمَنْصُور أبي بكر فَلم يُوَافق وَقَالَ مَا أُرِيد إِلَّا سَيِّدي أَحْمد فَلَمَّا مَاتَ السُّلْطَان وسجي قَامَ قوصون إِلَى الشباك وَطلب بشتاك وَقَالَ لَهُ يَا أَمِير تعال أَنا مَا يجي مني سُلْطَان لِأَنِّي كنت أبيع الطمسا والبرغالي والكشاتوين وَأَنت اشْتريت مني وَأهل الْبِلَاد يعْرفُونَ ذَلِك مني وَأَنت مَا يجي مِنْك سُلْطَان لِأَنَّك كنت تبيع البوزا وَأَنا اشْتريت مِنْك وَأهل الْبِلَاد يعْرفُونَ ذَلِك منا فَمَا يكون سُلْطَانا من عرف بِبيع الطمسا والبرغالي وَلَا من عرف بِبيع البوزا وَهَذَا أستاذنا هُوَ الَّذِي أوصى لمن هُوَ أخبر بِهِ من أَوْلَاده وَهَذَا هُوَ فِي ذمَّته وَمَا يسعنا إِلَّا امْتِثَال أمره حَيا وَمَيتًا وَأَنا مَا أخالفك إِن أردْت أَحْمد أَو غَيره أَو لَو أردْت كل يَوْم تعْمل سُلْطَانا مَا خالفتك

فَقَالَ بشتاك كل هَذَا صَحِيح وَالْأَمر أَمرك وأحضرا الْمُصحف وحلفا عَلَيْهِ بَعْضًا لبَعض وتعانقا وتباوسا ثمَّ قاما إِلَى رجْلي السُّلْطَان فقبلاهما ووضعا ابْن السُّلْطَان على الْكُرْسِيّ وباسا الأَرْض لَهُ وحلفا لَهُ وسمياه الْمَنْصُور ثمَّ إِن بشتاك طلب من السُّلْطَان الْملك الْمَنْصُور أبي بكر نِيَابَة دمشق فرسم لَهُ بذلك وَكتب تَقْلِيده وبرز إِلَى ظَاهر الْقَاهِرَة وَبَقِي هُنَاكَ يَوْمَيْنِ ثَلَاثَة ثمَّ إِنَّه طلع إِلَى السُّلْطَان ليودعه فَوَثَبَ عَلَيْهِ الْأَمِير سيف الدّين قطلوبغا الفخري وَأمْسك سَيْفه وتكاثروا عَلَيْهِ فأمسكوه وجهزوه إِلَى الاسكندرية واعتقلوه بهَا ثمَّ إِنَّه قنل فِي الْحَبْس أول سلطنة الْملك الْأَشْرَف كجك فِي شهر ربيع الآخر تَقْرِيبًا سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَسبع مائَة وَأَعْطَاهُ السُّلْطَان فِي يَوْم وَاحِد ألف ألف دِرْهَم ليَشْتَرِي بهَا قَرْيَة يبنا من عمل سَاحل الرملة وَأَخْبرنِي طغاي مَمْلُوك أَمِير حُسَيْن ابْن جندر وَكَانَ أَمِير مجْلِس عِنْد بشتاك قَالَ لنا رَأَيْت برسم الفحم للمشوي فِي كل يَوْم يمْضِي عشرُون

<<  <  ج: ص:  >  >>