الْوَارِث صَاحب الشاطبي وَسمعتهَا عَلَيْهِ مَعَ جمَاعَة بمنزله بِمصْر مجاور الْجَامِع الناصري واجاز لي فِي سنة ثَمَان وَعشْرين وَسبع ماية وَحدث بالكثير وَتفرد فِي وقته وَكَانَ قوي الْمُشَاركَة فِي عُلُوم الحَدِيث وَالْفِقْه وَالْأُصُول وَالتَّفْسِير خَطِيبًا تَامّ الشكل ذَا تعبد واوراد وَحج وَله تصانيف درس وافتى واشغل نقل إِلَى خطابة الْقُدس ثمَّ طلبه الْوَزير ابْن السلعوس فولاه قَضَاء مصر وَرفع شَأْنه ثمَّ حضر إِلَى الشَّام قَاضِيا وَولي خطابة دمشق أَيْضا مَعَ الْقَضَاء ثمَّ طلب لقَضَاء مصر بعد ابْن دَقِيق الْعِيد وامتدت أَيَّامه إِلَى أَن شاخ واضر وَثقل سَمعه فعزل بقاضي الْقُضَاة جلال الدّين الْقزْوِينِي سنة سبع وَعشْرين وَسبع ماية وَكَثُرت أَمْوَاله وباشر آخرا بِلَا مَعْلُوم على)
الْقَضَاء وَلما رَجَعَ السُّلْطَان من الكرك صرفه وَولي جمال الدّين الزرعي فاستمر نَحْو السّنة ثمَّ أُعِيد قَاضِي الْقُضَاة بدر الدّين وَولي مناصب كبارًا وَكَانَ يخْطب من انشايه وصنف فِي عُلُوم الحَدِيث وَفِي الْأَحْكَام وَله رِسَالَة فِي الإسطرلاب أَخْبرنِي القَاضِي شمس الدّين ابْن الْحَافِظ نَاظر الْجَيْش بصفد وطرابلس قَالَ كنت اقْرَأ عَلَيْهِ بِدِمَشْق وَهُوَ فِي بَيت الخطابة رسَالَته فِي الإسطرلاب فَقَالَ لي يَوْمًا إِذا جِئْت تقْرَأ فِي هَذِه فاكتمه فَإِن الْيَوْم جَاءَ إِلَى مغربي وَقَالَ يَا مَوْلَانَا قَاضِي الْقُضَاة رَأَيْت الْيَوْم وَاحِدًا يمشي فِي الْجَامِع وَفِي كمه آلَة الزندقة فَقلت وَمَا هِيَ فَقَالَ الإسطرلاب أَو كَمَا قَالَ وَتُوفِّي سنة ثلث وثلثين وَسبع ماية فِي جمدي الأولى بِمصْر وَتُوفِّي أَبوهُ بالقدس سنة خمس وَسبعين وللقاضي بدر الدّين نظم وَمِنْه مَا انشدنيه إجَازَة
(يَا لهف نَفسِي لَو تدوم خطابتي ... بالجامع الْأَقْصَى وجامع جلق)
(مَا كَانَ اهنى عيشنا والذه ... فِيهَا وَذَاكَ طراز عمري لَو بَقِي)
(الدّين فِيهِ سَالم من هفوة ... والرزق فَوق كِفَايَة المسترزق)
(وَالنَّاس كلهم صديق صَاحب ... دَاع وطالب دَعْوَة بترقق)
وأنشدني لنَفسِهِ أجازة
(لما تمكن من فُؤَادِي حبه ... عاتبت قلبِي فِي هَوَاهُ ولمته)
(فرثى لَهُ طرفِي وَقَالَ أَنا الَّذِي ... قد كنت فِي شرك الْهوى أوقعته)
(عَايَنت حسنا باهراً فاقتادني ... سرا إِلَيْهِ عِنْد مَا أبصرته)
(أحن إِلَى زِيَارَة حَيّ ليلى ... وعهدي من زيارتها قريب)
(وَكنت أَظن قرب الْعَهْد يطفى ... لهيب الشوق فأزداد اللهيب)
(إِذا مَا قصدت طيبَة شوقاً ... صَار سهلاً لدي كل عسير)
(وَإِذا مَا ثنيت عزمي عَنْهَا ... فعسير عَليّ كل يسير)
قلت هُوَ من قَول القايل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute