لَفظهَا نكتال فأسكنت اللَّام للجزم لِأَنَّهُ جَوَاب الْأَمر فحذفت الْألف لالتقاء الساكنين فَقَالَ الواثق هَذَا الْجَواب لَا جوابك يَا يَعْقُوب فَلَمَّا خرجنَا قَالَ لي ابْن السّكيت مَا حملك على هَذَا بيني وَبَيْنك الْمَوَدَّة الْخَالِصَة فَقلت وَالله مَا أردْت تخطئتك وَلم أَظن أَنه يغرب عَنْك وَقَالَ الْمبرد سَأَلت الْمَازِني عَن قَول الْأَعْشَى
(هَذَا النَّهَار بدا لَهَا من همها ... مَا بالها بِاللَّيْلِ زَالَ زَوَالهَا)
فَقَالَ نصب النَّهَار على تَقْدِير هَذَا الصدود بدا لَهَا النَّهَار وَالْيَوْم وَاللَّيْلَة وَالْعرب تَقول زَالَ وأزال بِمَعْنى فَيَقُول زَالَ الله زَوَالهَا وَحدث الزبيدِيّ أَيْضا قَالَ وَقَالَ الْمَازِني وَحَضَرت يَوْمًا أَيْضا عِنْد الواثق فَقَالَ يَا مازني هَات مَسْأَلَة وَكَانَ عِنْده نحاة الْكُوفَة فَقلت مَا تَقولُونَ فِي)
قَوْله تَعَالَى وَمَا كَانَت أمك بغياً لمَ لم يقل بغيةً وَهِي صفة لمؤنث فَأَجَابُوا بجوابات غير مرضية فَقَالَ الواثق هَات مَا عنْدك فَقلت لَو كَانَت بغي على تَقْدِير فعيل بِمَعْنى فاعلة لحقتها الْهَاء مثل كَرِيمَة وظريفة وَإِنَّمَا تحذف الْهَاء إِذا كَانَت فِي معنى مفعولة نَحْو الْمَرْأَة قَتِيل والكف خضيب وبغي هَهُنَا لَيْسَ بفعيل إِنَّمَا هُوَ فعول وفعول لَا تلْحقهُ الْهَاء فِي وصف التَّأْنِيث نَحْو امْرَأَة شكور وبئر شطون إِذا كَانَت بعيدَة الرشاء وَتَقْدِير بغي بغوي قلبت الْوَاو يَاء ثمَّ أدغمت فِي الْيَاء فَصَارَت يَاء ثَقيلَة نَحْو سيد وميت فَاسْتحْسن الْجَواب وسَاق ياقوت فِي مُعْجم الأدباء للمازني من هَذَا الضَّرْب كثيرا فِي تَرْجَمته والاقتصار على هَذَا أولى وَقَالَ الْمَازِني مَرَرْت ببني عقيل فَإِذا رجل أسود قصير أَعور أبرص أكشف قَائِم على تل سماد وَهُوَ يمْلَأ جواليق مَعَه من ذَلِك السماد وَهُوَ يُغني بِأَعْلَى صَوته
(فَإِن تصرمي حبلي وتستكرهي وَصلي ... فمثلك مَوْجُود وَلَا تجدي مثلي)
فَقلت صدقت وَالله مَتى تَجِد ويحها مثلك فَقَالَ بَارك الله عَلَيْك وأسمعك خيرا ثمَّ انْدفع ينشد
(يَا ربة الْمطرف والخلخال ... مَا أَنْت من همي وَلَا أشغالي)
(مثلك مَوْجُود ... ومثلي غالي)
وللمازني شعر قَلِيل ذكره المرزباني مِنْهُ
(شَيْئَانِ يعجز ذُو الرياضة عَنْهُمَا ... عقل النِّسَاء وإمرة الصّبيان)
(أما النِّسَاء فَإِنَّهُنَّ عواهر ... وأخو الصِّبَا يجْرِي بِكُل عنان)
وَقَالَ الجماز يهجو الْمَازِني
(كادني الْمَازِني عِنْد أبي العب ... اس وَالْفضل مَا علمت كريم)
(يَا شَبيه النِّسَاء فِي كل فن ... إِن كيد النِّسَاء كيد عَظِيم)