فاغدوا إِلَى قتال عَدوكُمْ مستبصرين وَبِاللَّهِ على أعدائه مستنصرين فَإِذا رَأَيْتُمْ الْحَرْب قد شمرت عَن سَاقهَا واضطرمت لظى على)
سباقها وجللت نَارا على أوراقها فَتَيَمَّمُوا وطيسها وجالدوا رئيسها عِنْد احتدام خميسها تظفروا بالغنم والكرامة فِي دَار الْخلد والمقامة فَخرج بنوها قابلين لنصحها عازمين على قَوْلهَا فَلَمَّا أَضَاء لَهُم الصُّبْح باكروا مراكزهم وَأَنْشَأَ أَوَّلهمْ يَقُول
(يَا إخوتي إِن الْعَجُوز الناصحه ... قد نصحتنا إِذْ دعتنا البارحه)
(مقَالَة ذَات بَيَان واضحه ... فباكروا الْحَرْب الضروس الكالحه)
(وَإِنَّمَا تلقونَ عِنْد الصائحه ... من آل ساسان كلايا نابحه)
(قد أيقنوا مِنْكُم بِوَقع الجائحه ... وَأَنْتُم بَين حَيَاة صَالحه)
أَو ميتَة تورث غنما رابحه وَتقدم فقاتل حَتَّى قتل رَحمَه الله ثمَّ حمل الثَّانِي وَهُوَ يَقُول
(إِن الْعَجُوز ذَات حزم وَجلد ... وَالنَّظَر الأوفق والرأي السدد)
(قد أمرتنا بالسداد والرشد ... نصيحة مِنْهَا وَبرا بِالْوَلَدِ)
(فباكروا الْحَرْب حماة فِي الْعدَد ... إِمَّا لفوز بَارِد عان الكبد)
(أَو ميتَة تورثكم غنم الْأَبَد ... فِي جنَّة الفردوس والعيش الرغد)
فقاتل إِلَى أَن اسْتشْهد رَحمَه الله ثمَّ حمل الثَّالِث وَهُوَ يَقُول
(وَالله لَا نعصي الْعَجُوز حرفا ... قد أمرتنا حَربًا وعطفا)
(نصحاً وَبرا صَادِقا ولطفاً ... فباكروا الْحَرْب الضروس زحفا)
(حَتَّى تلفوا آل ساسان لفا ... أَو تكشفوهم عَن حماكم كشفا)
(إِنَّا نرى التَّقْصِير عَنْهُم ضعفا ... وَالْقَتْل فِيكُم نجدة وَعرفا)
فقاتل حَتَّى اسْتشْهد رَحمَه الله ثمَّ حمل الرَّابِع وَهُوَ يَقُول
(لست لخنساء وَلَا للأحزم ... وَلَا لعَمْرو ذِي السناء الأقدم)
(إِن لم أرد فِي الْجَيْش جَيش الْأَعْجَم ... مَاض على الهول خضم خضرم)
(إِمَّا لفوز عَاجل ومغنم ... أَو لوفاة فِي السَّبِيل الأكرم)
فقاتل حَتَّى قتل رَحمَه الله فبلغها الْخَبَر فَقَالَت الْحَمد لله الَّذِي شرفني بِقَتْلِهِم وَأَرْجُو من رَبِّي أَن يجمعني بهم فِي مُسْتَقر رَحمته وَكَانَ عمر رَضِي الله عَنهُ يُعْطي الخنساء أرزاق أَوْلَادهَا الْأَرْبَعَة لكل وَاحِد مِائَتي دِرْهَم حَتَّى قبض)