الْمَكْتُوب مِنْهُ فَنظر ذَلِك وَإِذا بِهِ قد كتب على تفاحة حَمْرَاء ببياض من نفس التفاحة لما كَانَت على شجرتها من مجزوء الرجز
(جودوا لمن هيمه ... حبكم فهاما)
(وَصَارَ ضوء يَوْمه ... من حزنه ظلاما)
وَكتب على أُخْرَى من الْمَنْسُوخ
(مهجة نفس أتتك مرتاحه ... تَشْكُو هَواهَا بِلَفْظ تفاحة)
فأهدى ذَلِك التفاح إِلَيْهِ فَلَمَّا قَرَأَ مَا عَلَيْهِ قَامَ وَقد خجل
وَصَارَ شعر الزنج يخْتَار التفاح وَيكْتب عَلَيْهِ الشّعْر ويحتال بصنوف الْحِيَل فِي إيصاله إِلَى الْغُلَام قَالَ الحاكي لهَذِهِ الْحَال فَإِنِّي يَوْمًا لجالسن أَنا والغلام إِذْ اجتاز بِنَا بَائِع فَاكِهَة جلّ مَا مَعَه التفاح فأجلسه الْغُلَام وابتاع مِنْهُ التفاح بِمَا أَرَادَ دون مماكسة وسر الْغُلَام برخص مَا ابتاعه وَجعل يقلب التفاح ويعجب من حسنه فَإِذا هُوَ فِي التفاح بتفاحة صفراء مَكْتُوب فِيهَا)
بالأحمر من السَّرِيع
(تفاحة تخبر عَن مهجة ... أذابها الهجر وأضناها)
(يَا بؤسها مَاذَا بهَا وَيْلَهَا ... أبعدها الْحبّ وأقصاها)
فَفطن حِينَئِذٍ وغالطني وَقَالَ مَا ترى مَا يكتبونه النَّاس على التفاح طلبا للمعاش فتغافلت عَنهُ وَإِذا بِشعر الزنج قد دفع ذَلِك التفاح إِلَى البَائِع وَقَالَ لَهُ تلطف فِي أَن يرَاهُ الْغُلَام وبعه إِيَّاه بِمَا قَالَ
ثمَّ إِن شعر الزنج أهْدى إِلَيّ يَوْمًا تفاحاً كثيرا أَحْمَر كالشقائق وأبيض كالفضة وأصفر كالذهب مِنْهُ مَا كتب عَلَيْهِ ببياض فِي حمرَة وبحمرة فِي بَيَاض وعَلى إِحْدَاهَا من السَّرِيع
(نبت فِي الأغصان مخلوقةً ... من قلب ذِي شوق وأحزان)
(صفرني سقم الَّذِي سقمه ... يخبر عَن حَالي وأحزاني)
وعَلى أُخْرَى بأحمر من السَّرِيع
(تفاحة صيغت كَذَا بِدعَة ... صفراء فِي لون المحبينا)
(زينها ذُو كمد مدنف ... بدمعه إِذْ ظلّ مَحْزُونا)
(فَامْنُنْ فقد جِئْت لَهُ شافعاً ... وقيت من بلواه أَمينا)
وعَلى أُخْرَى من السَّرِيع
(كتبت لما سفكت مهجتي ... بِالدَّمِ كي ترحم بلوائي)
رفعت هذي قصتي اشْتَكَى الهجر فَوَقع لي بإعفائي قَالَ فرحمته وأدركتني رقة لَهُ فخطفت التفاح جَمِيعه وعملت دَعْوَة ودعوت الْغُلَام وأخواته واجتمعنا على مجْلِس أنس وأحضرت التفاح فِيمَا أحضرته فَرَأَوْا مِنْهُ شَيْئا لم يرَوا مثله ثمَّ تَعَمّدت وضع التفاح الْمَكْتُوب بَين يَدي الْغُلَام فتعجب مِنْهُ وَقَرَأَ مَا عَلَيْهِ وَقَالَ لي خُفْيَة ترى من كتب هَذَا