(الله يَا قَاضِي على مَا أرى ... أراحني مِنْك وَمن كاتبك)
(كسبت فِي أيامكم شاربا ... فَخذه والسلح على شاربك)
وسافر من الْبَلَد وَقَالَ حدثت عَمَّن رَآهُ فِي سوق ابْن هِشَام مَاشِيا فِي فرو أَحْمَر قديم مَا يواري رُكْبَتَيْهِ وقلنسوة مثله وَهُوَ يشترى لَحْمًا فتواريت عَنهُ أكباراً لَهُ وحياء لَهُ من رُؤْيَته على تِلْكَ الْحَال وأتبعته إِلَى بَيته فَلَمَّا عَرفته ذهبت فَأَتَيْته بعيبة كَانَت لي فِيهَا ثِيَاب لأجعلها عَلَيْهِ وَنَفَقَة ليغير بهَا حَاله فَإِذا هُوَ يصلح الْقدر وَعَلِيهِ ثِيَاب نفيسة وعمة شريفة وَفِي وَسطه أحرام دبيقي مُرْتَفع فَسلمت عَلَيْهِ مُتَعَجِّبا مِنْهُ فانكر حَالي فَقَالَ مَا لَك فقصصت عَلَيْهِ الْقِصَّة من أَولهَا إِلَى آخرهَا فَأثْنى بِخَير وَقَالَ قابلت الْعَامَّة العمياء بِمَا يشبهها وَأنْشد بعد أطراق سَاعَة
(هَانَتْ على النَّفس وَهِي كَرِيمَة ... من أجل قوم بَينهم أتصرف)
(فلقيتهم فِيمَا يَلِيق بمثلهم ... ورجوت أَنِّي بَينهم لَا أعرف)
(وَإِذا خلوت بهمتي لم يرضني ... إِلَّا الْأَجَل من الْأُمُور وأشرف)
وَمن أعابيثه قَوْله فِي بعض أَحْدَاث بني زرت
(يَا سيد النَّاس من بني زرت ... أحب لَو نمت سَاعَة تحتي)
(وَلَا تحفني فَإِن عَيْني مَا ... تراك إِلَّا كَمَا ترى أُخْتِي)
)
(أَولا فجرب فَإِن كذبت فَلَا ... ترحم خضوعي وَلَا أباتي)
(وَأَجْعَل سبالي على شفا جرف ... فَإِن ثَنَا قلت دسها فِي أسى)
وَقَوله من أَبْيَات
(أحبب بِهِ لَيْلَة عانقته ... مرتشفاً مِنْهُ ثنايا عَذَاب)
(لله مَا أحْسنهَا لَيْلَة ... ألزمني تذكارها الأكتياب)
(وسدت من اهوى يَمِيني بهَا ... من غير أَمر بَيْننَا يستراب)
(ثمَّ أعتنقنا فترانا مَعًا ... فِي ظلمَة العتب وَنور العتاب)
(روحين فِي جسم لَهُ مشْهد ... لَا تنثني عدته فِي الْحساب)
(جسمان صَارا فِي الْهوى وَاحِدًا ... كشكلتين أختلطا فِي كتاب)
قلت أَنا أَخذ هَذَا معنى من أبي الطّيب حَيْثُ يَقُول
(دون التعانق ناحلين كشكلتي ... نصب أدقهما وَضم الشاكل)
لَكِن فِي قَول أبي الطّيب زيادات فَاتَت الصرايري لِأَنَّهُ قَالَ شكلتا نصب فَهُوَ أخص من قَول كشكلتين اختلطا لِأَن الشكلتين قد يَكُونَا ضمتين أَو غير ذَلِك وَالْأَشْبَه بالمتعانقين إِنَّمَا هُوَ النصبتان لِأَنَّهُمَا شكلان ممتدان على الأستواء وَقَالَ نصب وَلم يقل جر طلبا للمحل الأرفع وَقَالَ