حِيلَة حَتَّى تخرجه من مِيرَاث مَاله فدلّوه على الطَّرِيق إِلَى ذَلِك فاشهد بِهِ وَأوصى إِلَى رجل فَلَمَّا مَاتَ حَاز الرجل مِيرَاثه وَمنع مِنْهُ جعيفران فاستعدى عَلَيْهِ أَبَا يُوسُف القَاضِي فأحضر الوصيَّ وَسَأَلَ جعيفران البيِّنة على نسبه وتركة أَبِيه وَأقَام بَيِّنَة عُدُولًا وأحضر الْوَصِيّ بَيِّنَة عُدُولًا على الْوَصِيَّة يشْهدُونَ على أَبِيه بِمَا كَانَ احتال على مَنعه مِيرَاثه فَلم ير أَبُو يُوسُف ذَلِك شَيْئا وعزم على أَن يورّثه فَقَالَ الْوَصِيّ أَنا أدفَع هَذَا عَن هَذَا الْمِيرَاث بِحجَّة وَاحِدَة فَأبى أَبُو يُوسُف أَن يسمع مِنْهُ وجعيفران يَقُول قد ثَبت عنْدك أَمْرِي فَلَا تدفعني وَقَالَ الوصيّ إسمع مني حجتي مُنْفَردا فَقَالَ أَبُو يُوسُف لَا اسْمَع مِنْك إِلَّا بِحَضْرَتِهِ فَقَالَ أجِّلني إِلَى غَد فأجّله فجَاء إِلَى منزله وَكتب رقْعَة فِيهَا خَبره وَمَا قَالَه مُوسَى بن جَعْفَر وَدفعهَا لصديق إِلَى أبي يُوسُف فَلَمَّا قَرَأَهَا دَعَا بالوصي فاستحلفه على ذَلِك فَحلف بِالْيَمِينِ الْغمُوس وَقَالَ اغْدُ غَدا عليّ مَعَ صَاحبك فَحَضَرَ إِلَيْهِ فَحكم أَبُو يُوسُف للوصيّ فَلَمَّا أمضى الحكم عَلَيْهِ وسوس جعيران وَاخْتَلَطَ مُنْذُ يومءذ وَكَانَ إِذا ثاب إِلَيْهِ عقله قَالَ الشّعْر الجيّد وَعَن عبد الله بن عُثْمَان الْكَاتِب عَن أَبِيه قَالَ كنت لَيْلَة أشرف من سطحٍ على دَار جعيفران وَهُوَ فِيهَا وَحده وَقد تحرّكت عَلَيْهِ السّوداء وَهُوَ يَدُور فِي الدَّار طول ليلته وَيَقُول من الرجز
(طَاف بِهِ طيف من الوسواس ... نفّر عَنهُ لَذَّة النُّعاس)
(فَمَا يرى يأنس بالأناس ... ولايلذّ عشرَة الجلَاّس)
فَهُوَ غَرِيب بَين هَذَا النَّاس وَلم يزل يُرَدِّدهَا حَتَّى أصبح ثمَّ سقط كَأَنَّهُ بقلة ذابلة
وَعنهُ قَالَ غَابَ عنّا أَيَّامًا وجاءنا عُرْيَان وَالصبيان خَلفه وهم يصيحون بِهِ يَا جعيفران يَا خرَّا فِي الدَّار فَلَمَّا بلغ إليّ وقف عِنْدِي وتقرّقوا عَنهُ فَقَالَ يَا أَبَا عبد الله وَمن الهزج)
(رَأَيْت النَّاس يدعوني ... بمجنونٍ على حَال)
(وَلَكِن قَوْلهم هَذَا ... لإفلاسي وإقلالي)
(وَلَو كنت أَخا وفرٍ ... رخيّ ناعم البال)
(رأوني حسن الْعقل ... أحلّ الْمنزل العالي)
(وَمَا ذَاك على خبرٍ ... وَلَكِن هَيْبَة المَال)
قَالَ فأدخلته منزل يفأكل وسقيته أقداحاً ثمَّ قلت لَهُ تقدر على أَن تغير تِلْكَ القافية فَقَالَ نعم ثمَّ قَالَ بديهة من غير فكر وَلَا توقف من الهزج
(رَأَيْت النَّاس يرموني ... أَحْيَانًا بوسواس)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute