لنبيهم بل طَاعَة الْعباد المخلصين لرب الْعَالمين وَكَانَ مبدأ ملكه سنة تسع وَتِسْعين وخمسمئة وَاسْتولى على بُخَارى وسمرقند سنة سِتّ عشرَة وَاسْتولى على مدن خُرَاسَان سنة ثَمَان عشرَة وَآخر سنة سبع عشرَة وَلما رَجَعَ من حَرْب السُّلْطَان جلال الدّين خوارزم شاه على نهر السَّنَد وصل إِلَى مَدِينَة تنكت من بِلَاد الخطا فَمَرض بهَا وَمَات فِي رَابِع شهر رَمَضَان سنة أَربع وَعشْرين وستمئة فَكَانَت أَيَّامه خمْسا وَعشْرين سنة وَكَانَ اسْمه قبل أَن يَلِي الْملك تمرجين وَمَات على دينهم وكفرهم وخلّف من الْأَوْلَاد الَّذين يصلحون للسلطنة سِتَّة وفوّض الْأَمر إِلَى أوكتاي أحدهم بَعْدَمَا اسْتَشَارَ الْخَمْسَة البَاقِينَ فِي ذَلِك فَلَمَّا هلك امْتنع أوكتاي من الْملك وَقَالَ فِي إخوتي وأعمامي من هم أكبر مني فَلم يزَالُوا بِهِ نَحْو أَرْبَعِينَ يَوْمًا حَتَّى تملك على الْمُلُوك ولقبوه الْقَائِد الْأَعْظَم وَمَعْنَاهُ اللخيفة فِيمَا قبل وَبث جيوشه وَفتح الفتوحات وطالبت أَيَّامه وَولي بعده الْأَمر مونكوكا وَهُوَ الْقَائِد الَّذِي كَانَ هولاكو من جملَة مقدَّميه ونوابه على خُرَاسَان وَولي بعد مونكوكا أَخُوهُ قبلاي وطالت أَيَّام قبلاي وَبَقِي فِي الْأَمر نيفاً وَأَرْبَعين سنة كأخيه وعاش إِلَى سنة أَربع وسبعمئة وَمَات بِمَدِينَة خَان بالق
يُقَال إِنَّه لما كَانَ السُّلْطَان خوارزم شاه يصدّ هَؤُلَاءِ التتار ويغزوهم ويقتّلهم وَيَسْبِي دراريهم وَأَوْلَادهمْ ويمنعهم من الْخُرُوج عَن حُدُود بِلَادهمْ اجْتمع التتار وَشَكوا حَالهم وَمَا هم فِيهِ من الضّيق وَالْبَلَاء مَعَ خوارزم شاه فَقَالَ لَهُم جنكز خَان إِن ملكتموني عَلَيْكُم والتزمتم لي بِالطَّاعَةِ وَاتِّبَاع اليسق الَّذِي أصنعه لكم شرعةً ومنهاجاً تتبعونه وتلتزمون بِالْعَمَلِ بِهِ أَبَد الدَّهْر رددت خوارزم شاه عَنْكُم فالتزموا لَهُ بذلك
فَكَانَ مِمَّا وَضعه لَهُم أَن قَالَ كل من أحبّ امْرَأَة بِنْتا كَانَت أَو غَيرهَا لَا يمْنَع من التَّزَوُّج وَلَو كَانَ زبّالاً وَالْمَرْأَة بنت ملك وَكَانَ غَرَضه بذلك أَن يتناكحوا بِشَهْوَة شَدِيدَة ليتضاعف التناسل بَينهم ويتضاعف عَددهمْ فَلَمَّا تقرر ذَلِك دخلُوا على خوارزم شاه وعقدوا مهادنته عشْرين سنة فَمَا جَاءَت الْعشْرُونَ سنة إلاّ وهم أُمَم لَا يُحصونَ وَلَا يحصرون
وَكَانَ مِمَّا قَرَّرَهُ أنّه من رعف وَهُوَ يَأْكُل قتل كَائِنا من كَانَ وقرّر لَهُم أنّ كل من لم يمض)
حكم اليسق وَلم يعْمل بِهِ قتل أَيْضا فَأَرَادَ أَن يذهب الْكِبَار الَّذين فيهم لعلمه أَنهم يداخلهم الْحَسَد لَهُ ويستصغرونه فتركهم يَوْمًا وهم على سماطه ورعّف نَفسه فَلم يَجْسُر أحد أَن يمْضِي فِيهِ حكم اليسق لمهابته وجبروته فَتَرَكُوهُ وَلم يطالبوه بِمَا قَرَّرَهُ وهابوه فِي ذَلِك فتركهم أَيَّامًا وَجمع مقدميهم وأمراءهم وَقَالَ لأي شَيْء مَا أمضيتم حكم اليسق فيَّ وَقد رعفت وَأَنا آكل بَيْنكُم قَالُوا لم نجسر على ذَلِك فَقَالَ لم تعملوا باليسق وَلَا أمضيتم أمره وَقد وَجب قتلكم فَقَتلهُمْ أَجْمَعِينَ واستراح من أُولَئِكَ الأكابر