(وخرَّ مُسْتَلْقِيا مِنْهَا لهامته ... وشنّه حبلها فِي خربه قطع)
)
فَقَالَ لَهُ عُثْمَان تالله تفتأ تذكر الْأسد مَا حييت إِنِّي لأحسبك جَبَانًا هيداناً فَقَالَ كلاّ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَلَكِنِّي شهِدت مشهداً وَرَأَيْت مرأى لَا يزَال ذكره بقلبي فَقَالَ لَهُ عُثْمَان وأنى كَانَ ذَلِك قَالَ خرجت فِي صيابةٍ أشرافٍ من أفناء قبائل الْعَرَب ذَوي هَيْئَة وشارةٍ حسنةٍ ترتمي بِنَا المهارى بأكساء القروانات وعبداننا على فتوِّ الْخَيل وَالْبِغَال وَنحن نُرِيد الْحَارِث بن الشمر الغسّاني ملك الشَّام فاخروطّ بِنَا السّير فِي حمارَّة القيظ فأصابنا عَطش شَدِيد حَتَّى إِذا عصبت الأفواه وذبلت الشفاه وشالت الْمِيَاه وأذكت الجوزاء المعزاء وذاب الصَّيد وصرّض الجندب وضاف العصفور الضبَّ فِي وجاره قَالَ قَائِل أَيهَا الركب غوّروا بِنَا فِي ضوج الْوَادي لنقيل وَإِذا وادٍ قد بدا لنا كثير الدَّغل دَائِم الغلل شجراؤه مغنَّة وأطياره مرنَّة فحططنا رحالنا بأصول دوحات كنهبلات ونبعات متهدلات فأصبنا من فضلات المزاود وأتبعناها بِالْمَاءِ الْبَارِد وَإِنَّا لنصف حرَّ يَوْمنَا ومماطلته إِذْ صرَّ أقْصَى الْخَيل أدنيه وفحص الأَرْض بيدَيْهِ فوَاللَّه مَا لبث أَن جال وحمحم وبال ثمَّ فعل فعله الْفرس الَّذِي يَلِيهِ وَاحِدًا وَاحِدًا فتضعضعت الْخَيل وتكعكعت الْإِبِل وتقهقرت البغال فَمن نافر بشكاله وناهض بعقاله فَعلمنَا أَن قد أَتَيْنَا وَأَنه السَّبع لَا محَالة فِينَا فَفَزعَ كل امرىء منا إِلَى سَيْفه فاستلّه من
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute