وزارته يَوْمًا نَبَات جَارِيَة ابْن حَمَّاد وشرطت عَلَيْهِ أَن تَنْصَرِف وَقت الْعَتَمَة فَلَمَّا أقبل اللَّيْل كتب إِلَى مُؤذن على بَاب دَاره من الْخَفِيف
(قل لداعي الصَّلَاة أخر قَلِيلا ... قد قضينا حق الصَّلَاة طَويلا)
لَيْسَ فِي سَاعَة تؤخرها إِثْم تجازى بِهِ وتحيي قَتِيلا
(وتراعي حق الْمَوَدَّة فِينَا ... وتعافى من أَن تكون ثقيلا)
فَحلف الْمُؤَذّن أَن لَا يُؤذن عتمةً شهرا
حكى الصولي فِي أخباره قَالَ كَانَ أَبُو تَمام يعشق غُلَاما خزرياً لِلْحسنِ ابْن وهب وَكَانَ الْحسن يعشق غُلَاما رومياً لأبي تَمام فَرَآهُ يعبث بغلامه فَقَالَ وَالله لَئِن سرت إِلَى الرُّومِي لأسيرن إِلَى الخزري فَقَالَ الْحسن لَو شِئْت حكمتنا واحتكمت فَقَالَ لَهُ أَبُو تَمام أَنا أشبهك بِدَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام وأشبهني أَنا بخصمه فَقَالَ الْحسن لَو كَانَ هَذَا منظوماً فَقَالَ أَبُو تَمام من جملَة أَبْيَات من الْبَسِيط
(أذكرتني أَمر دَاوُد وَكنت فَتى ... مصرف الْقلب فِي الْأَهْوَاء والفكر)
(أعندك الشَّمْس تزهي فِي مطالعها ... وَأَنت مشتغل الأفكار بالقمر)
(إِن أَنْت لم تتْرك السّير الحثيث إِلَى ... جآذر أعنقنا إِلَى الخزر)
(وَرب أمنع مِنْهُ جانباً وَحمى ... أَمْسَى وتكته مني على خطر)
(جردت فِيهِ جيوش الْعَزْم فَانْكَشَفَتْ ... عَنهُ غياهبها عَن سكةٍ هدر)
(أَنْت الْمُقِيم فَمَا تَغْدُو رواحله ... وأيره أبدا مِنْهُ على سفر)
وَقيل لأبي تَمام غلامك أطوع لِلْحسنِ بن وهب من غُلَامه لَك قَالَ أجل لِأَن غلامي يجد)
عِنْده مَالا وَأَنا أعطي غُلَامه قيلاً وَقَالا
وَكَانَ ابْن الزيات وقف على مَا بَينهمَا فِي غلاميهما فاتفق أَن عزم يَوْمًا غُلَام أبي تَمام على الاحتجام فَكتب إِلَى الْحسن بن وهب يُعلمهُ بذلك ويستدعيه مطبوخاً فَوجه إِلَيْهِ بِمِائَة دنٍّ وَمِائَة دِينَار وَكتب إِلَيْهِ من الْخَفِيف
(لَيْت شعري يَا أَمْلَح النَّاس عِنْدِي ... هَل تداويت بالحجامة بعدِي)
(دفع الله عَنْك لي كل سوءٍ ... باكرٍ رائحٍ وَإِن خُنْت عهدي)
(قد كتمت الْهوى بأبلغ جهدي ... فَبَدَا مِنْهُ غير مَا كنت أبدي)
وخلعت العذار إِذْ علم النَّاس بِأَنِّي إياك أصفي بودي فليقولوا بِمَا أَحبُّوا إِذا كنت وصُولا وَلم ترعني بصد وَاتفقَ أَن وضع الرقعة تَحت مصلاة وَبلغ مُحَمَّد بن الزيات خَبَرهَا فَوجه إِلَى الْحسن من