كنت فِي سفرة الغواية وَالْجهل مُقيما فحان مني قدوم تبت من كل مأثم فَعَسَى يمحى بِهَذَا الحَدِيث ذَاك الْقَدِيم بعد خمسٍ وَأَرْبَعين لقد ماطلت إِلَّا أَن الْغَرِيم كريم وَقيل إِنَّه لم يكل مغربي الأَصْل وَإِنَّمَا أحد أجداده وَهُوَ الْحُسَيْن ابْن عَليّ بن مُحَمَّد كَانَت لَهُ ولَايَة فِي الْجَانِب الغربي بِبَغْدَاد وَلَيْسَ ذَلِك بِشَيْء فَإِنَّهُ قَالَ فِي أدب الْخَواص وَقد ذكر المتنبي وإخواننا المغاربة يسمونه المتنبه
وَله ديوَان شعر وديوان ترسل واختصار إصْلَاح الْمنطق واختصار الأغاني وَكتاب الإيناس وأدب الْخَواص والمأثور فِي ملح الْخُدُور وَتَفْسِير الْقُرْآن فِي مُجَلد وَغير ذَلِك)
وَرَأَيْت السِّيرَة النَّبَوِيَّة بِخَطِّهِ فِي أجزاءٍ صغَار وَهِي كتابةٌ مليحةٌ صَحِيحَة
وَإِلَيْهِ كتب أَبُو الْعَلَاء المعرب رسَالَته الإغريضية الَّتِي أَولهَا السَّلَام عَلَيْك أيتها الْحِكْمَة المغربية وَنفذ الْوَزير المغربي إِلَى أبي الْعَلَاء المعري قصيدةً وَكَانَ من جملَة مَا كتب فِي تقريظها وَالله لَوْلَا أَن يُقَال غاليت لكتبت تَحت كل بَيت فليعبدوا رب هَذَا الْبَيْت
وَمن شعره من الْكَامِل
(لي كلما ابتسم النَّهَار تعلةٌ ... بمحدثٍ مَا شان قلبِي شانه)
(فَإِذا الدجى وافى وَأَقْبل جنحه ... فهناك يدْرِي الْهم أَيْن مَكَانَهُ)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(أَقُول لَهَا والعيس تحدج للسرى ... أعدي لفقدي مَا اسْتَطَعْت من الصَّبْر)
(سأنفق ريعان الشبيبة آنِفا ... على طب العلياء أَو طلب الْأجر)
(أَلَيْسَ من الخسران أَن ليالياً ... تمر بِلَا نفعٍ وتحسب من عمري)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(أرى النَّاس فِي الدُّنْيَا كراعٍ تنكرت ... مراعيه حَتَّى لَيْسَ فِيهِنَّ مرتع)
(فماءٌ بِلَا مرعىً ومرعىً بِغَيْر مَا ... وَحَيْثُ ترى مَاء ومرعى فمسبع)
وَمِنْه من مجزوء الْكَامِل إِنِّي أبثك عَن حَدِيثي والْحَدِيث لَهُ شجون
(غيرت مَوضِع مرقدي ... لَيْلًا ففارقني السّكُون)
(قل لي فَأول ليلةٍ ... فِي الْقَبْر كَيفَ ترى أكون)
وَمِنْه من الْخَفِيف
(حَلقُوا شعره ليكسوه قبحاً ... غيرَة مِنْهُم عَلَيْهِ وشحا)