للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

(طلبت المستقرَّ بكلِّ أرضٍ ... قلم أر لي بأرضٍ مستقَّرا)

(أَطَعْت مطامعي فاستعبدتني ... وَلَو أنِّي قنعت لَكُنْت حرَّا)

)

وَالْبَيْت الَّذِي قبل قَوْله لَا كنت إِن كنت أَدْرِي من الْبَسِيط

(أرْسلت تسْأَل عني كَيفَ كنت وَمَا ... لاقيت بعْدك من همٍّ وَمن حزن)

وَقيل أنّ بَعضهم كتب إِلَى أبي الْقَاسِم سمنون بن حَمْزَة الزَّاهِد يسْأَله عَن حَاله فَكتب إِلَيْهِ هذَيْن الْبَيْتَيْنِ وَكَانَ جدّه مجوسياً وَصَحب الْجُنَيْد وَمن فِي طبقته وَأفْتى أَكثر عُلَمَاء عصره بِإِبَاحَة دَمه وَيُقَال أَن أَبَا الْعَبَّاس ابْن سُرَيج كَانَ إِذا سُئِلَ عَنهُ يَقُول هَذَا رجل خَفِي عني حَاله وَمَا أَقُول فِيهِ شَيْئا وَكَانَ قد جرى مِنْهُ كَلَام فِي مجْلِس حَامِد بن الْعَبَّاس الْوَزير بِحَضْرَة القَاضِي أبي عمر فَأفْتى بحلِّ دَمه وَكتب خطّه بذلك وَكتب مَعَه من حضر الْمجْلس من الْفُقَهَاء فَقَالَ لَهُم الحلَاّج ظَهْري حمى وَدمِي حرَام وَمَا يحلّ لكم أَن تتأوَّلوا عليّ بِمَا يبيحه وَأَنا اعتقادي الْإِسْلَام ومذهبي السُّنَّة وتفضيل الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة الْخُلَفَاء الرَّاشِدين وَبَقِيَّة الْعشْرَة الصَّحَابَة رضوَان الله عَلَيْهِم ولي كتب فِي السّنَّة مَوْجُودَة فِي الورّاقين فَالله الله فِي دمي وَلم يزل يردِّد هَذَا القَوْل وهم يَكْتُبُونَ خطوطهم إِلَى أَن استكملوا مَا احتاجوا إِلَيْهِ ونهضوا من الْمجْلس وَحمل الحلاج إِلَى السِّجن وَكتب الْوَزير إِلَى المقتدر يُخبرهُ بِمَا جرى فِي الْمجْلس وسيَّر الْفَتْوَى فَعَاد الْجَواب بِأَن الْقُضَاة إِذا كَانُوا أفتوا بقتْله فليسلّم إِلَى صَاحب الشرطة وليتقَّدم إِلَيْهِ بضربه ألف سوطٍ فَإِن مَاتَ من الضَّرْب وَإِلَّا ضرب مرّة أُخْرَى ألف سوطٍ ثمَّ تضرب عُنُقه فسلّمه الْوَزير إِلَى الشرطي وَقَالَ لَهُ مَا رسم بِهِ المقتدر وَقَالَ إِن لم يتْلف بِالضَّرْبِ فتقطع يَده ثمَّ رجله ثمَّ يَده ثمَّ رجله ثمَّ تحزّ رقبته وَتحرق جثته وَإِن خدعك وَقَالَ لَك أَنا أجري الْفُرَات ودجلة ذَهَبا فَلَا تقبل ذَلِك مِنْهُ وَلَا ترفع الْعقُوبَة عَنهُ فتسلّمه الشرطي لَيْلًا وَأصْبح يَوْم الثُّلَاثَاء لسبعٍ بَقينَ أَو لستٍ بَقينَ من ذِي الْقعدَة سنة تسعٍ وَثَلَاث مائَة فَأخْرجهُ عِنْد بَاب الطَّاق وَاجْتمعَ من العامَّة خلق كثير لَا يُحْصى عَددهمْ وضربه الجلاد ألف سوطٍ وَلم يتأوَّه بل قَالَ الشرطي لما بلغ ستَّ مائةٍ ادْع بِي إِلَيْك فإنَّ لَك عِنْدِي نصيحةً تعدل فتح قسطنطينَّية فَقَالَ لَهُ قد قيل لي عَنْك أَن تَقول هَذَا وَأكْثر مِنْهُ وَلَيْسَ لي إِلَى أَن أَربع الضَّرْب عَنْك سَبِيل فَلَمَّا فرغ من ضربه قطع أَطْرَافه الْأَرْبَع ثمَّ حزَّ رَأسه وأحرق جثته وَلما صَارَت رَمَادا أَلْقَاهَا فِي دجلة وَنصب الرَّأْس على الجسر بِبَغْدَاد وَجعل أَصْحَابه يعدون نُفُوسهم بِرُجُوعِهِ بعد أَرْبَعِينَ يَوْمًا واتّفق أَنه مَا زَادَت الْفُرَات تِلْكَ السّنة زِيَادَة وافرةً فادَّعى أَصْحَابه أَن ذَلِك بِسَبَب إِلْقَاء رماده فِيهَا وادَّعى بعض أَصْحَابه أَنه لم يقتل وَإِنَّمَا ألقِي شبهه على)

عدوه انْتهى قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين قَتَلُوهُ على الْكفْر والحلول والانسلاخ من الدّين نسْأَل الله الْعَفو كَانَ قد صحب الْجُنَيْد وَعَمْرو بن عُثْمَان الْمَكِّيّ وَغَيرهمَا وَقد أفرد ابْن الْجَوْزِيّ أخباره فِي تصنيفٍ سَمَّاهُ الْقَاطِع لمحال الحاجِّ بمحال الحلاّج أفتى الْفُقَهَاء بِبَغْدَاد بِكُفْرِهِ وَمن نظر فِي مَجْمُوع أمره علم أَن الرجل كَانَ كذابا مموِّهاً ممخرقاً حلولياً لَهُ كَلَام يستحوذ بِهِ على نفوس جهَّال العوامّ حَتَّى ادّعوا فِيهِ الربوبية وَكَانَ قد قبض عَلَيْهِ بالسوس وَحمل

<<  <  ج: ص:  >  >>