وَقَالَ الشَّافِعِي تزوجت امْرَأَة بِمَكَّة من قُرَيْش وَكنت أمازحها فَأَقُول وَمن البلية أَن تحب وَلَا يحبك من تحبه فَتَقول هِيَ
(ويصد عَنْك بِوَجْهِهِ ... وتلح أَنْت فَلَا تَعبه)
وَمن الْمَنْسُوب إِلَيْهِ
(رام نفعا فضر من غير قصد ... وَمن الْبر مَا يكون عقوقا)
)
وَمن الْمَنْسُوب إِلَيْهِ أَيْضا
(كلما أدبني الده ... ر أَرَانِي نقص عَقْلِي)
(وَإِذا مَا أزددت علما ... زادني علما بجهلي)
وَقَالَ الْمُزنِيّ دخلت على الشَّافِعِي فِي علته الَّتِي مَاتَ فِيهَا فَقلت لَهُ كَيفَ أَصبَحت فَقَالَ أَصبَحت من الدُّنْيَا راحلاً ولأخواني مفارقاً ولكأس الْمنية شارباً ولسوء أعمالي ملاقياً وعَلى الله وارداً فَلَا أَدْرِي روحي تصير إِلَى الْجنَّة فأهنيها أم إِلَى النَّار فأعزيها ثمَّ أنْشد
(وَلما قسى قلبِي وَضَاقَتْ مذاهبي ... جعلت رجائي نَحْو عفوك سلما)
(تعاظمني ذَنبي فَلَمَّا قرنته ... بعفوك رَبِّي كَانَ عفوك أعظما)
(وَمَا زلت ذَا عَفْو عَن الذَّنب لم تزل ... تجود وَتَعْفُو منَّة وتكرما)
وَقَالَ الْمُزنِيّ أَيْضا سمعته ينشد
(وَمَا شِئْت كَانَ وَإِن لم أشا ... وَمَا شِئْت أَن لم تشا لم يكن)
(خلقت الْعباد على مَا أردْت ... فَفِي الْعلم يجْرِي الْفَتى والمسن)
(على ذَا مننت وَهَذَا خذلت ... وَهَذَا أعنت وَذَا لم تعن)
(فَمنهمْ شقي وَمِنْهُم سعيد ... وَمِنْهُم قَبِيح وَمِنْهُم حسن)
يُقَال أَن الْأَمَام فَخر الدّين الرَّازِيّ شرح هَذِه الأبيات فِي مجلدة وَلما مَاتَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى رثاه خلق كثير وَأورد الْخَطِيب قَول ابْن دُرَيْد اللّغَوِيّ قصيدة يرثيه بهَا مِنْهَا
(ألم تَرَ آثَار ابْن أدريس بعده ... دلايله فِي المشكلات لوامع)
(معالم يفنى الدَّهْر وَهِي خوالد ... وتنخفض الْأَعْلَام وَهِي روافع)
(مناهج فِيهَا للورى متصرف ... موارد فِيهَا للرشاد مشارع)
مِنْهَا
(أبي الله إِلَّا رَفعه وعلوه ... وَلَيْسَ لما يعليه ذُو الْعَرْش وَاضع)
(توخي النَّهْدِيّ وأستنفذته يَد التقي ... من الزيغ أَن الزيغ للمرء صارع)