الْخَامِس وَالْعِشْرين من رَمَضَان سنة أثنتي عشرَة وَسبع مائَة فَمَا أصبح وَترك لأهل الرحبة أَشْيَاء كَثِيرَة من أثقال مناجيق وَغَيرهَا وَكَانَ مَعَه يَوْمئِذٍ قراً سنقر والأفرم وَسليمَان بن مهنا وَكَانَ أَهلهَا قد حلفوا لخربندا فَلَمَّا أرتحل عَنْهَا وأستقر الْأَمر التمس قاضيها ونايبتها وطايفة حَلَفت لَهُ عزلهم من السُّلْطَان لمَكَان الْيَمين لخربندا فعزلهم وَكَانَ مُسلما فَمَا زَالَ بِهِ الأمامية إِلَى أَن رفضوه وَغير شعار الْخطْبَة وَأسْقط ذكر الْخُلَفَاء من الْخطْبَة سوى عَليّ رَضِي الله عَنهُ وصمم أهل بَاب الأزج على مُخَالفَته فَمَا أعجبه ذَلِك وتنمر ورسم بأباحة مَالهم ودمهم فعوجل بعد يَوْمَيْنِ بهيضة مزعجة داواه الرشيد فِيهَا بمسهل منظف فخارت قواه وَتُوفِّي فِي رَمَضَان سنة سِتّ عشرَة وَسبع ماية وَدفن بسلطانية فِي تربته وَهُوَ فِي عشر الْأَرْبَعين وَفِي رحيله عَن الرحبة قَالَ عَلَاء الدّين الوداعي
(مَا فر خربندا عَن الرحبة ال ... عظمى إِلَى أوطانه شوقاً)
(بل خَافَ من مَالِكهَا أَنه ... يلْبسهُ من سَيْفه طوقا)
وَلما تشيع السُّلْطَان خدابندا الْمَذْكُور قَالَ جمال الدّين ابرهيم ابْن الحسام الْمُقِيم بقرية مجدل سلم من بِلَاد صفد يمدحه وَسَيَأْتِي ذكره فِي مَوْضِعه إِن شَاءَ الله تَعَالَى
(أهْدى إِلَى ملك الْمُلُوك دعائي ... وأخصه بمدايحي وثنائي)
(وَإِذا الورى والوا ملوكاً غَيره ... جهلا فَفِيهِ عقيدتي وولائي)
(هَذَا خدابندا مُحَمَّد الَّذِي ... سَاد الْمُلُوك بدولة غراء)
(ملك الْبَسِيط وَالَّذِي دَانَتْ لَهُ ... أكنافها طَوْعًا بِغَيْر عناء)
(أغنتك هيبتك الَّتِي أعطيتهَا ... عَن صارم أَو صعدة سمراء)
(وَلَقَد لبست من الشجَاعَة حلَّة ... تغنيك عَن جَيش وَرفع لِوَاء)
(مَلأ البسيطة رَغْبَة ومهابة ... فَالنَّاس بَين مَخَافَة ورجاء)
)
(من حوله عصب كآساد الشرى ... لَا يرهبون الْمَوْت يَوْم لِقَاء)
(وَإِذا ركبت سرى أمامك للعدى ... رعب يقلقل أنفس الْأَعْدَاء)
(وَلَقَد نشرت الْعدْل حَتَّى أَنه ... قد عَم فِي الْأَمْوَات والأحياء)
(فليهن دينا أَنْت تنصر ملكه ... وطبيبه الدَّارِيّ بجسم الدَّاء)
(نبهته بعد الخمول فَأَصْبَحت ... تعلو بهمته على الجوزاء)
(وَبسطت فِيهِ بِذكر آل مُحَمَّد ... فَوق المنابر السن الخطباء)
(وغدت دراهمك الشَّرِيفَة نقشها ... بأسم النَّبِي وَسيد الْخُلَفَاء)
(ونقشت أَسمَاء الأيمة بعده ... أحسن بِذَاكَ النقش والأشماء)
(وَلَقَد حفظت عَن النَّبِي وَصِيَّة ... وَرفعت قرباه على الْقُرَبَاء)