شُجَاع ملك الديار المصرية ووزيرها كَانَ طلائع بن رزيك قد ولاه الصَّعِيد وَنَدم على ذَلِك فَتمكن فِي الصَّعِيد وَكَانَ شجاعاً فَارِسًا شهماً فحشد وَأَقْبل من الصَّعِيد على واحات وخرق الْبَريَّة وَخرج من عِنْد تروجة وَدخل الْقَاهِرَة وَقتل الْعَادِل رزيك ابْن الصَّالح طلائع بن رزيك ووزر للعاضد وَتوجه إِلَى الشَّام وَقدم على نور الدّين مستنجداً بأسد الدّين شيركوه لما ثار عَلَيْهِ ضرغام أَبُو الأشبال وَأخرجه من الْقَاهِرَة وَقتل وَلَده طياً وَولي الوزارة مَكَانَهُ بعد أَرْبَعَة أشهر فَمضى مَعَه واسترد لَهُ منصبه فَلَمَّا تمكن قَالَ لشيركوه اذْهَبْ فقد رفع عَنْك العناء وأخلفه وعده فَأَنف شيركوه وأضمر لَهُ السوء وَكَانَ شاور اسْتَعَانَ بالفرنج فحالفهم وَأقَام ببلبيس حَتَّى ملت الفرنج الْحصار فاغتنم نور الدّين تِلْكَ الْمدَّة خلو الشَّام مِنْهُم فكسرهم على حارم وَأسر مُلُوكهمْ وَقتل شاور قَتله عز الدّين حزديك النوري وَيُقَال إِن صَلَاح الدّين هُوَ الَّذِي أوقع بِهِ سنة أَربع وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة وَفِيه يقل عمَارَة اليمني
(ضجر الْحَدِيد من الْحَدِيد وشاور ... فِي نصر آل مُحَمَّد لم يضجر)
(حلف الزَّمَان ليَأْتِيَن بِمثلِهِ ... حنثت يَمِينك يَا زمَان فَكفر)
وَفِيه يَقُول عِنْدَمَا ظفر ببني رزيك وأنشدها فِي مَجْلِسه
(زَالَت ليَالِي بني رزيك وانصرمت ... وَالْحَمْد وَالشُّكْر مِنْهَا غير منصرم)
وَمِنْهَا
(وَلَو شكرت لياليهم مُحَافظَة ... لعهدها لم يكن بالعهد من قدم)
)
(وَلَو فتحت فمي يَوْمًا بدمهم ... لم يرض فضلك إِلَّا أَن يسد فمي)
فشكره شاور وأمراؤه على وفائه لَهُم وَفِي شاور يَقُول عمَارَة اليمني
(ونصرت فِي الأولى بِضَرْب زلزل ال ... أَقْدَام وَهِي شَدِيدَة الْإِقْدَام)
(ونصرت فِي الْأُخْرَى بِضَرْب صَادِق ... أضحى يطير بِهِ غراب الْهَام)
(أدْركْت ثأراً وارتجعت وزارة ... نزعاً بسيفك من يَدي ضرغام)
وَفِيه يَقُول أَيْضا
(وَزِير تمنته الوزارة أَولا ... وثانية عفوا بِغَيْر طلاب)
(فخانته فِي الأولى بطانة وَلَده ... وَرب حبيب فِي قَمِيص حباب)
(وجاءته تبغي الصُّلْح ثَانِي مرّة ... وَلم ترض إِلَّا بعد ضرب رِقَاب)
قيل إِن شاور أدْرك ثَأْره فِي يَوْم الْجُمُعَة الثَّامِن وَالْعِشْرين من جُمَادَى الْآخِرَة فَكَانَ بَينهمَا تِسْعَة أشهر قَالَ عمَارَة وَقلت فِي ذَلِك
(نزعت ملكك من رجال نازعوا ... فِيهِ وَكنت بِهِ أَحَق وأقعدا)
...