للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

عمر بن الْخطاب الْأَحْنَف بن قيس على جَيش قبل خُرَاسَان فبيتهم الْعَدو وَفرقُوا جيوشهم وَكَانَ الْأَحْنَف مَعَهم فَفَزعَ النَّاس فَكَانَ أول من ركب الْأَحْنَف وَمضى نَحْو الصَّوْت وَهُوَ يَقُول

(إِن على كل رَئِيس حَقًا ... أَن يخضب الصعدة أَو تندقا)

ثمَّ حمل على صَاحب الطبل فَقتله وَانْهَزَمَ الْعَدو فَقَتَلُوهُمْ وغنموا وفتحوا مرو الروذ ثمَّ سَار)

إِلَى بَلخ فَصَالَحُوهُ على أَرْبَعمِائَة ألف دِرْهَم ثمَّ أَتَى خوارزم وَلم يطقها فَرجع وَقَالَ خَالِد بن صَفْوَان كَانَ الْأَحْنَف يفر من الشّرف والشرف يتبعهُ وَقيل لَهُ مَا يمنعك أَن تكون كأبيك فَقَالَ وَأَيكُمْ كَأبي قيسوني بأبنائكم وَقيل لَهُ إِنَّك تطيل الْقيام فَقَالَ إِنِّي أعده لسفر طَوِيل

وَكَانَ يضع إصبعه على الْمِصْبَاح ثمَّ يَقُول حس ثمَّ يَقُول يَا أحنف مَا حملك على أَن صنعت كَذَا يَوْم كَذَا وشكا ابْن أخي الْأَحْنَف وجعاً بضرسه فَقَالَ الْأَحْنَف لقد ذهبت عَيْني مُنْذُ ثَلَاثِينَ وَفِي رِوَايَة أَرْبَعِينَ مَا شكوتها إِلَى أحد وَلما اسْتَقر الْأَمر لمعاوية دخل عَلَيْهِ الْأَحْنَف فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَة وَالله يَا أحنف مَا أذكر يَوْم صفّين إِلَّا كَانَت فِي قلبِي حزازة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فَقَالَ لَهُ الْأَحْنَف وَالله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن الْقُلُوب الَّتِي أبغضناك بهَا لفي صدورنا وَإِن السيوف الَّتِي قَاتَلْنَاك بهَا لفي أغمادها وَإِن تدن من الْحَرْب فتراً ندن مِنْهَا شبْرًا وَإِن تمش إِلَيْهَا نهرول ثمَّ قَامَ وَخرج وَكَانَت أُخْت مُعَاوِيَة وَرَاء حجاب فَسمِعت الْكَلَام فَقَالَت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ من هَذَا الَّذِي يتهدد ويتوعد فَقَالَ هَذَا الَّذِي إِذا غضب غضب لغضبه مائَة ألف من بني تَمِيم لَا يَدْرُونَ فيمَ غضب وَلما نصب مُعَاوِيَة وَلَده يزِيد لولاية الْعَهْد أقعده فِي قبَّة حَمْرَاء فَجعل النَّاس يسلمُونَ على مُعَاوِيَة ثمَّ يميلون إِلَى يزِيد حَتَّى جَاءَ رجل فَفعل ذَلِك ثمَّ رَجَعَ إِلَى مُعَاوِيَة فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ اعْلَم لَو أَنَّك لَو لم تول هَذَا أُمُور الْمُسلمين لأضعتها والأحنف جَالس فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَة مَالك لَا تَقول يَا أَبَا بَحر فَقَالَ أَخَاف الله إِن كذبت وأخافكم إِن صدقت فَقَالَ مُعَاوِيَة جَزَاك الله عَن الطَّاعَة خيرا وَمن كَلَامه مَا خَان شرِيف وَلَا كذب عَاقل وَلَا اغتاب مُؤمن وَقَالَ جَنبُوا مَجْلِسنَا ذكر الطَّعَام وَالنِّسَاء فَإِنِّي أبْغض الرجل أَن يكون وصافاً لفرجه وبطنه وَإِن من الْمُرُوءَة أَن يتْرك الرجل الطَّعَام وَالشرَاب وَهُوَ يشتهيه

وَكَانَ يَقُول إِذا عجب النَّاس من حلمه إِنِّي لأجد مَا تَجِدُونَ ولكنني صبور وَكَانَ يَقُول وجدت الْحلم أنْصر لي من الرِّجَال وَقَالَ مَا تعلمت الْحلم إِلَّا من قيس بن عَاصِم الْمنْقري لنه قتل ابْن أَخ لَهُ بعض بنيه فَأتي بالقاتل مكتوفاً يُقَاد إِلَيْهِ فَقَالَ ذعرتم الْفَتى ثمَّ أقبل عَلَيْهِ وَقَالَ يَا بني بئس مَا صنعت نقصت عددك وأوهنت عضدك واشمت عَدوك وأسأت بقومك خلوا سَبيله واحملوا إِلَى أم الْمَقْتُول دِيَته فَإِنَّهَا غَرِيبَة ثمَّ انْصَرف الْقَاتِل وَمَا حل قيس حبوته وَلَا تغير وَجهه وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَسبعين لِلْهِجْرَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>