)
فأشترى صحفاً بدرهم وأملى عَلَيْهِ الْكَلَام كُله لَا يخرج من اسْم أَو فعل وحرف جَاءَ لِمَعْنى ثمَّ رسم أصُول النَّحْو كلهَا فَلَمَّا كَانَ أَيَّام زِيَاد بن أَبِيه بِالْبَصْرَةِ جَاءَهُ أَبُو الْأسود فَقَالَ أصلح الله الْأَمِير إِنِّي أرى الْحَمْرَاء قد خالطت الْعَرَب فتغيرت أَلْسِنَة الْعَرَب وَقد كَانَ عَليّ بن أبي طَالب قد وضع شَيْئا يصلح بِهِ ألسنتهم أفتأذن لي أَن أظهره فَقَالَ لَا ثمَّ جَاءَ زياداً رجل فَقَالَ أصلح الله الْأَمِير مَاتَ أَبَانَا وَخلف بنُون فَقَالَ زياداً كالمتعجب مَاتَ أَبَانَا وَخلف بنُون هَذَا مَا ذكره أَبُو الْأسود ثمَّ مر بِرَجُل يقْرَأ الْقُرْآن حَتَّى بلغ قَوْله تَعَالَى إِن الله بَرِيء من الْمُشْركين وَرَسُوله التَّوْبَة بِكَسْر اللَّام فَقَالَ زِيَاد لَا حول وَلَا قوَّة إلَاّ بِاللَّه العليّ الْعَظِيم هَذَا وَالله الْكفْر ردوا إِلَيّ أَبَا الْأسود فَقَالَ لَهُ ضع للنَّاس مَا كنت نهيتك عَنهُ فَقَالَ ابغني كَاتبا يفهم عني فجيء بِرَجُل من عبد الْقَيْس فَلم يرضه فَأتي بِرَجُل من قُرَيْش فَقَالَ لَهُ إِذا رَأَيْتنِي قد فتحت فمي بالحرف فانقط على أَعْلَاهُ وَإِذا ضممت فانقط بَين يَدي الْحَرْف فَإِذا كسرت فمي فَاجْعَلْ النقطة تَحت الْحَرْف فَإِذا أتبعت ذَلِك شَيْئا من الغنة فَاجْعَلْ النقطة نقطتين فَكَانَ هَذَا نقط أبي الْأسود وَذكر أَنه لم يضع إِلَّا بَاب الْفَاعِل وَالْمَفْعُول بِهِ فَقَط ثمَّ جَاءَ بعده مَيْمُون الأقرن فَزَاد عَلَيْهِ فِي حُدُود الْعَرَبيَّة ثمَّ زَاد فِيهَا عَنْبَسَة بن معدان وَعبد الله بن أبي إِسْحَاق الْحَضْرَمِيّ فَلَمَّا كَانَ عِيسَى بن عمر وضع فِي النَّحْو كناشاً ثمَّ أَبُو عَمْرو بن الْعَلَاء ثمَّ الْخَلِيل بن أَحْمد ثمَّ سِيبَوَيْهٍ وَقَالَ أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن الْحسن الزبيدِيّ فِي طَبَقَات النُّحَاة عمل أَبُو الْأسود كتاب الْفَاعِل وَالْمَفْعُول والتعجب ثمَّ فرع النَّاس الْأُصُول بعده إِلَى الْيَوْم وَقَالَ أَبُو الْأسود لَا شَيْء أعز من الْعلم لِأَن الْمُلُوك حكام على النَّاس وَالْعُلَمَاء حكام على الْمُلُوك وَقَالَ لابنته لما زَوجهَا إياك والغيرة فَإِنَّهَا مِفْتَاح الطَّلَاق وَعَلَيْك بالزينة وأزين الزِّينَة الْكحل وَأطيب الطّيب إسباغ الْوضُوء وكوني كَمَا قلت لأمك الطَّوِيل
(خذُي العفْو مِنّي تستديمي مودتي ... وَلَا تنطقي فِي سورتي حِين أغضب)
(فَإِنِّي وجدت الحُبّ فِي الصَّدْر والأذى ... إِذا اجْتمعَا لم يلبث الْحبّ يذهب)
وَقَالَ أَبُو الْأسود لَو أَطعْنَا الْمَسَاكِين فِي أَمْوَالنَا لَكنا أَسْوَأ حَالا مِنْهُم وَقَالَ لَا تجاودوا الله فَإِنَّهُ أَجود وأمجد وَلَو شَاءَ أَن يُوسع على النَّاس كلهم لفعل فَلَا تجهدوا أَنفسكُم فِي التَّوَسُّع فَتَهْلكُوا هزلا وَكَانَ يَوْمًا جَالِسا على بَاب دَاره وَبَين يَدَيْهِ رطب فَجَاز بِهِ أَعْرَابِي فَقَالَ السَّلَام عَلَيْك فَقَالَ أَبُو الْأسود كلمة مقولة فَقَالَ أَأدْخل فَقَالَ وَرَاءَك أوسع لَك قَالَ إِن الرمضاء أحرقت)
رجْلي قَالَ بل عَلَيْهِمَا أَو إيت الْجَبَل يَفِي عَلَيْك قَالَ هَل عنْدك شَيْء تطعمني قَالَ نَأْكُل ونطعم الْعِيَال فَإِن فضل شَيْء فَأَنت أَحَق بِهِ من
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute