للْعَبَّاس بِشَيْء ثمَّ إِن مَارِيَة لما علمت بمجيء الرشيد إِلَيْهَا قَامَت تَلَقَّتْهُ وَقَالَت كَيفَ ذَلِك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَأَعْطَاهَا الشّعْر وَقَالَ هَذَا الَّذِي جَاءَ بِي إِلَيْك قَالَت فَمن قَالَه قَالَ الْعَبَّاس بن الْأَحْنَف قَالَت فَبِمَ كوفئ قَالَ مَا فعلت بعد شَيْئا فَقَالَت وَالله لَا أَجْلِس حَتَّى يكافأ فَأمر لَهُ بِمَال كثير وَأمرت هِيَ لَهُ بِدُونِ ذَلِك وَأمر لَهُ يحيى بِدُونِ مَا أمرت بِهِ وَحمل على برذون ثمَّ قَالَ لَهُ الْوَزير يحيى من تَمام النِّعْمَة عنْدك أَن لَا تخرج من الدَّار حَتَّى نؤثل لَك بِهَذَا المَال ضَيْعَة فَاشْترى لَهُ ضيَاعًا بجملة من ذَلِك المَال وَدفع إِلَيْهِ بَقِيَّة المَال
وَمن شعره الطَّوِيل
(جرى السَّيْل فاستبكاني السَّيْل إِذْ جرى ... وفاضت لَهُ من مقلتي غرُوب)
(وَمَا ذَاك إِلَّا حَيْثُ أيقنت أَنه ... يمر بوادٍ أَنْت مِنْهُ قريب)
(يكون أجاجاً دونكم فَإِذا انْتهى ... إِلَيْكُم تلقى طيبكم فيطيب)
(أيا سَاكِني أكناف دجلة كلكُمْ ... إِلَى النَّفس من أجل الحبيب حبيب)
وَله تغزل كثير فِي فوز وظلوم وَخَبره مَعَ فوز مَذْكُور فِي كتاب الأغاني لأبي الْفرج وَقَالَ أَبُو الْفرج حَدثنِي أَبُو جَعْفَر النَّخعِيّ قَالَ كَانَ الْعَبَّاس يهوى عنان جَارِيَة النطاف فَجَاءَنِي يَوْمًا فَقَالَ امْضِ بِنَا إِلَى عنان قَالَ فصرنا إِلَيْهَا فرأيتها كالمهاجرة لَهُ فَجَلَسْنَا قَلِيلا ثمَّ ابْتَدَأَ الْعَبَّاس فَقَالَ الرمل المجزوء
(قَالَ عَبَّاس وَقد أجهد من وجد شَدِيد)
(لَيْسَ لي صَبر على الهجر وَلَا لذع الصدود)
(لَا وَلَا يصبر للهجر فؤاد من حَدِيد)
فَقَالَت عنان
(من ترَاهُ كَانَ أغْنى ... مِنْك عَن هَذَا الصدود)
(بعد وصل لَك مني ... فِيهِ إرغام الحسود)
(فَاتخذ للهجر إِن شِئْت فؤاداً من حَدِيد)
)
(مَا رَأَيْنَاك على مَا ... كنت تجني بجليد)
فَقَالَ عَبَّاس
(لَو تجودين لصب ... رَاح ذَا وجد شَدِيد)
(وَأخي جهل بِمَا قد ... كَانَ يجني بالصدود)
(لَيْسَ من أحدث هجراً ... لصديق بسديد)
...