(إِنَّمَا الزَّعْفَرَان عطر العذارى ... ومداد الدوي عطر الرِّجَال)
فَقلت نعم أَنْشدني أَحْمد بن يحيى قَالَ أَنْشدني ابْن الْأَعرَابِي الْبَسِيط
(من كَانَ يُعجبهُ إِن مس عَارضه ... مسك يطيب مِنْهُ الرّيح والنسما)
(فَإِن مسكي مداد فَوق أنملتي ... إِذا الأنامل مني مست القلما)
وَلما توفّي المكتفي أحكم الْبيعَة الْعَبَّاس بن الْحسن للمقتدر فتمت فَألْحق النَّاس بِهِ كل لوم فِي كل شَيْء يمْنَع فَأَشَارَ عَلَيْهِ أَولا بعض الْكتاب وَالْحُسَيْن ابْن حمدَان أَن يخْتَار للخلافة رجلا يشْتَد خَوفه هُوَ مِنْهُ إِذا دخل إِلَيْهِ وَقَالَ لَهُ تقيم من تخافه ويخافك النَّاس من أَجله وَإِلَّا طلب النَّاس مِنْك زيادات الإقطاعات وَمن منعته عاداك فَكَانَ الْأَمر كَذَلِك وَفَسَد النَّاس عَلَيْهِ وحسدوه وَصَارَ يمْنَع وَالِدَة المقتدر من التَّوَسُّع فِي النَّفَقَات فثقل على قلب المقتدر ووالدته وحاشيتهما فسعوا فِي إِزَالَة أمره إِلَى أَن تمّ الْقَضَاء عَلَيْهِ بقتْله فَرَمَوْهُ بِأَنَّهُ يُرِيد الْبيعَة لعبد الله بن المعتز فَلَمَّا كَانَ فِي يَوْم السبت لإحدى عشرَة لَيْلَة خلت من جُمَادَى الأولى سنة سِتّ وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ فَنزل فِي موكبه وضربه الْحُسَيْن بن حمدَان فَقتله وَقتل مَعَه جمَاعَة مِنْهُم فاتك المعتضدي وَغَيره وَقيل إِن الْحُسَيْن لما ضربه طَار قحف رَأسه ثمَّ ثناه فَسقط على وَجهه ثمَّ اعتوره الْأَعْرَاب فَقطع قطعا وَقَالَ الصولي حَدثنِي أَحْمد بن الْعَبَّاس قَالَ كَانَ لأبي شعر وَكَانَ يَكْتُمهُ وَلَا يظهره فَوجدت بعد وَفَاته رقْعَة بِخَطِّهِ فِيهَا المنسرح
(يَا شادناً فِي فؤاد عاشقه ... من حبه لوعة تقرحه)
(لي خبر بعد مَا نأيت وَلَو ... أمنت رُسُلِي مَا كنت أشرحه)
(صنت الْهوى طاقتي فأظهره ... دمع يُنَادي بِهِ ويوضحه)
(وكل صب يصون دمعته ... فَهِيَ غَدَاة الْفِرَاق تفضحه)
وَقَالَ فِي الرقعة أَيْضا المنسرح)
(يَا قاتلي بالصدود مِنْهُ وَلَو ... يَشَاء بالوصل كَانَ يحييني)
(وَمن يرى مهجتي تسيل على ... تَقْبِيل فِيهِ وَلَا يواتيني)
(واحربي للْخلاف مِنْك وَمن ... خلائق فِيك ذَات تلوين)
(طيفك فِي هجعتي يصالحني ... وَأَنت مستيقظاً تعاديني)
قلت شعر متوسط وَالْمعْنَى مَأْخُوذ من قَول أبي نواس السَّرِيع
(يَا ناعم البال فَمَا بالنا ... نشقى ويلتذ خيالانا)
(لَو شِئْت إِذا أَحْسَنت لي نَائِما ... تممت إحسانك يقظانا ٥٩٢٤)