وبويع بعده الْمُقْتَدِي وَكَانَ الْقَائِم كثير الْحلم وَالْحيَاء فصيح اللِّسَان أديباً خَطِيبًا شَاعِرًا تقلبت بِهِ الْأَحْوَال وَرَأى الْعَجَائِب
وَفِي أَيَّامه أنقرضت دولة الديلم من بَغْدَاد بعد طول مدَّتهَا وَقَامَت دولة السلجوقية وَكَانَ آخِرهم الْملك الرَّحِيم من ولد عضد الدولة دخل عَلَيْهِ بَغْدَاد طغرل بك السلجوقي وَهُوَ أَو السلجوقية فَقبض عَلَيْهِ وَقَيده فَقَالَ لَهُ الْملك الرَّحِيم إرحمني أَيهَا السُّلْطَان فَقَالَ لَهُ لَا يَرْحَمك من نازعته فِي اسْمه الْمُخْتَص بِهِ يُشِير إِلَى الله تَعَالَى فَبلغ ذَلِك الْقَائِم فَقَالَ قد كنت نهيته عَن هَذَا الِاسْم فَأبى إِلَّا لجاجاً أوردهُ عَاقِبَة سوء اخْتِيَاره وخلصه طغرل بك من حَبسه أَعنِي الْقَائِم بِأَمْر الله وَأَعَادَهُ إِلَى دَار خلافتة وَمَشى بَين يَدَيْهِ طغرل بك إِلَى إِن وصل إِلَى عتبَة بَاب النوبي فقبلها شكرا لله تَعَالَى وَصَارَت سنة بعده وَمن شعره من الْبَسِيط
(يَا أكْرم الأكرمين العفوعن غرقٍ ... فِي السَّيِّئَات لَهُ وردٌ وإصدار)
(هَانَتْ عَلَيْهِ مَعَاصيه الَّتِي عظمت ... علما بأنك للعاصين غفار)
(فَامْنُنْ عَليّ وسامحني وَخذ بيَدي ... يَا من لَهُ الْعَفو والجنات وَالنَّار)
وَمِنْه من المتقارب
(سهرنا على سنة العاشقين ... وَقُلْنَا لما يكره الله نم)
(وَمَا خيفي من ظُهُور الورى ... إِذا كَانَ رب الورى قد علم)
وَمِنْه من الْكَامِل
(قَالُوا الرحيل فأنشبت أظفارها ... فِي خدها وَقد اعتلقن خضابا)
(فاخضر تَحت بنانها فَكَأَنَّمَا ... غرست بِأَرْض بنفسج عنابا)
)
وَمِنْه من الْكَامِل
(جمعت عَليّ من الغرام عجائبٌ ... خلفن قلبِي فِي إسارٍ موحش)
(خلٌ يصد وعاذلٌ متنصحٌ ... ومعاندٌ يُؤْذِي ونمامٌ يشي)
وباسم الْقَائِم بِأَمْر الله أَمِير الْمُؤمنِينَ وضع الباخرزي كتاب دمية الْقصر وأمتدحه بقصيدته البائية الْمَشْهُورَة الَّتِي أَولهَا من الْبَسِيط
(عِشْنَا إِلَى أَن رَأينَا فِي الْهوى عجبا ... كل الشُّهُور وَفِي الْأَمْثَال عش رجبا)
(أَلَيْسَ من عجبٍ أَنِّي ضحى ارتحلوا ... أوقدت من مَاء دمعي فِي الحشى لهبا)
(وَأَن أجفان عَيْني أمْطرت وَرقا ... وَأَن ساحة خدي أنبتت ذَهَبا)
...