للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هَذَا دينٌ يشق عَليّ وفاؤه وأحبه الْأَمِير سيف الدّين تنكز أخيراً محبَّة كَبِيرَة وَكَانَ يثني على آدابه وحشمته وَلما عمل النّظر مَعَ الجمالي كنت بالديار المصرية فطلبني وَقَالَ أشتهي أَن تكْتب عني المكاتبات ورتب لي شَيْئا عَلَيْهِ وَكنت أَبيت عِنْده وَأصْبح وَأَنا فِي جامكيته وجرايته وقماشه فيعاملني بآداب كَثِيرَة وحشمةٍ زَائِدَة رَحمَه الله وَكتب وَهُوَ بالقدس مُقيما ربعَة مليحةً بِخَطِّهِ وَلم أر أعجل كِتَابَة وَلَا أصفى يكْتب وَهُوَ متكئٌ على المدورة بِغَيْر كلفة وَإِذا وضع الْقَلَم على الورقة لَا يَنْقُلهُ حَتَّى يفرغ مِنْهَا وَيَرْمِي الورقة وفيهَا سطورٌ تبهر الْعقل وَكَانَ إِذا حضر أحدٌ وَهُوَ فِي)

دسته وَقَالَ أعوذ بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم رمى الورقة من يَده والقلم وأنصت وَسمع الْقُرْآن إِلَى أَن يفرغ وَإِذا أنْشد أحدٌ قصيدةً مديحاً فِي النَّبِي صلّى اللهُ عليهِ وسلّم كتبهَا بِخَطِّهِ فِي تَعْلِيقه الْمُخْتَص بذلك أَو قَالَ لي أكتب لي هَذَا وَلما رسم لَهُ بوازرة الشَّام كتبت تَقْلِيده بذلك فِي صفر سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة عَن السُّلْطَان الْملك النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاون رَحمَه الله لما كنت يَوْمئِذٍ بِالْقَاهِرَةِ ونسخته الْحَمد لله الَّذِي جعل ولي أيامنا الزاهرة أَمينا وأحله من ضمائرنا الطاهرة مَكَانا أَيْنَمَا توجه وجده مكينا وَخَصه بالإخلاص لدولتنا الْقَاهِرَة فَهُوَ يَقِينا يَقِينا وعضد بتدبيره ممالكنا الشَّرِيفَة فَكَانَ على نيل الأمل الَّذِي لَا يَمِين يَمِينا وفجر خلال خلاله نَهرا أصبح على نيل السُّعُود معينا مُعينا وزين بن آفَاق الْمَعَالِي فَمَا دجا أمرٌ إِلَّا وَكَانَ فكره صبحاً مُبينًا وجمل بِهِ الرتب الفاخرة فكم قلد جيدها عقدا نفيساً ورصع تاجها درا ثميناً وأعانه على مَا يَتَوَلَّاهُ فَهُوَ الْأسد الأسدّ الَّذِي اتخذ الأقلام عريناً نحمده على نعمه الَّتِي خصتنا بولِي تتجمل بِهِ الدول وتغنى الممالك بتدبيره عَن الْأَنْصَار والخول وتحسد أيامنا الشَّرِيفَة عَلَيْهِ أَيَّام من مضى من الْمُلُوك الأُول وَتحل السُّعُود حَيْثُ حل إِذْ لم يكن لَهَا عَنهُ حول

ونشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة نستمطر بهَا صوب الصَّوَاب ونرفل مِنْهَا فِي ثوب الثَّوَاب وندخر مِنْهَا حَاصِلا ليَوْم الْحساب ونعتد برهَا واصلاً ليَوْم الْفَصْل والمآب ونشهد أَن مُحَمَّدًا عَبده الصَّادِق الْأمين وَرَسُوله الَّذِي لم يكن على الْغَيْب بضنين وحبيبه الَّذِي فضل الْمَلَائِكَة المقربين ونجيه الَّذِي أسرى بِهِ من الْمَسْجِد الْحَرَام إِلَى الْمَسْجِد الْأَقْصَى حجَّة على الْمُلْحِدِينَ صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه الَّذين صحبوا ووزروا وأيدوا حزبه ونصروا وبذلوا فِي نصحه مَا قدرُوا وَعدلُوا فِيمَا نهوا وَأمرُوا صَلَاة تكون لَهُم هدى ونوراً إِذا حشروا ويضوع بهَا عرفهم فِي الغرف ويطيب بهَا نشرهم إِذا نشرُوا وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا إِلَى يَوْم الدّين

وَبعد فَإِن أشرف الْكَوَاكِب أبعدها دَارا وأجلها سرا وأقلها سراراً وَأَدْنَاهَا مباراً

<<  <  ج: ص:  >  >>