للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أَمِير الْمُؤمنِينَ جَعْفَر المتَوَكل ابْن أَمِير الْمُؤمنِينَ المعتصم ولد سنة اثْنَتَيْنِ وثلثين وماتين وَلم يل الْخلَافَة قبله أحد أَصْغَر مِنْهُ بُويِعَ عِنْد عزل المستعين بِاللَّه سنة اثْنَتَيْنِ وَهُوَ ابْن تسع عشرَة سنة فِي أول السّنة وَكتب بذلك إِلَى الْآفَاق فَلم يلبث الْمُؤَيد أَن مَاتَ وخشى المعتز أَن يتحدث أَنه الَّذِي اختال عَلَيْهِ وَقَتله فَاحْضُرْ الْقُضَاة حَتَّى شاهدوه وَلَيْسَ بِهِ أثر وَكَانَت خِلَافَته ثلث سِنِين وَسِتَّة أشهر وَأَرْبَعَة عشر يَوْمًا وَمَات عَن أَربع وَعشْرين سنة وَكَانَ مستضعفاً مَعَ الاتراك اجْتمع إِلَيْهِ الأتراك وَقَالُوا لَهُ اعطنا أرزاقنا لنقتل صَالح بن وصيف وَكَانَ يخافه فَطلب من أمه مَالا لنفقة الأتراك فابت وَلم يكن فِي بيُوت الْأَمْوَال شىء فَاجْتمعُوا هم وَصَالح وَاتَّفَقُوا على خلعه وجروه بِرجلِهِ وضربوه بالدبابيس وأقاموه فِي الشَّمْس فِي يَوْم صايف فبقى يرفع قدماً وَيَضَع أُخْرَى وهم يلطمون وَجهه وَيَقُولُونَ اخلع نَفسك ثمَّ احضروا القَاضِي ابْن أبي الشَّوَارِب وَالشُّهُود وخلعوه ثمَّ احضروا مُحَمَّد بن الواثق من سر من رأى فَسلم عَلَيْهِ المعتز بالخلافة وَبَايَعَهُ ولقبوه الْمُهْتَدي ثمَّ أَنهم اخذوا المعتز بعد خَمْسَة أَيَّام وادخلوه الْحمام فَلَمَّا تغسل عَطش وَطلب مَاء فمنعوه من ذَلِك حَتَّى هلك عطشا فَلَمَّا اغمى عَلَيْهِ أَخْرجُوهُ وسقوه مَاء بثلج فشربه وَسقط مَيتا وَقَالَ ابْن الجوزى فِي الْمرْآة لما واقفه الأتراك فِي الشَّمْس طلب نعلا فَلم يعطوه فاسبل سراويله على رجلَيْهِ وَقيل أَنهم نزعوا أَصَابِع يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ ثمَّ خنقوه قيل ادخُلُوا سردابا مُخَصّصا بجص جَدِيد فاختنق وَلم يعذب خَليفَة مَا عذب على صغر سنه وَتُوفِّي يَوْم السبت لست خلون من شعْبَان وَقيل لليلتين وَقيل فِي الْيَوْم الثَّانِي من رَمَضَان سنة خمس وَخمسين وماتين وَدفن إِلَى جَانب أَخِيه فِي نَاحيَة قصر الصوامع وَكَانَ أَبيض جميل الْوَجْه على خَدّه الْأَيْسَر خَال أسود وَصلى عَلَيْهِ الْمُهْتَدي وَأمه رُومِية أم ولد وَنقش خَاتمه المعتز بِاللَّه وَهُوَ ثَالِث خَليفَة خلع من بني الْعَبَّاس ورابع خَليفَة قتل مِنْهُم وَكَانَ لَهُ من الْوَلَد جمَاعَة لم يشْتَهر مِنْهُم إِلَّا عبد الله ووزر لَهُ جَعْفَر بن مُحَمَّد الإسكافي ثمَّ عَزله وَولى عِيسَى بن فرخان شاه ثمَّ أَحْمد بن إِسْرَائِيل وقاضيه الْحسن بن أبي الشَّوَارِب وَقَالَ البحتري كنت صاحبا لأبي معشر المنجم فاضقنا أضاقة شَدِيدَة فَدَخَلْنَا على المعتز وَهُوَ مَحْبُوس قبل أَن يَلِي الْخلَافَة فَأَنْشَدته أبياتا كنت قلتهَا)

(جعلت فدَاك الدَّهْر لَيْسَ بمنفك ... من الْحَادِث المشكو أَو النَّازِل المشكي)

(وَمَا هَذِه الْأَيَّام إِلَّا منَازِل ... فَمن منزل رحب إِلَى منزل ضنك)

(وَقد هذبتك الحادثات وَإِنَّمَا ... صفا الذَّهَب إِلَّا بريز قبلك بالسبك)

(أما فِي رَسُول الله يُوسُف أُسْوَة ... لمثلك مَحْبُوسًا على الظُّلم والإفك)

(أَقَامَ جميل الصَّبْر فِي الْحَبْس بُرْهَة ... فآل بِهِ الصَّبْر الْجَمِيل إِلَى الْملك)

<<  <  ج: ص:  >  >>