وَالْخَنْدَق وَالْحُدَيْبِيَة وَعمرَة الْقَضَاء والمشاهد كلهَا إِلَّا الْفَتْح وَمَا بعده لِأَنَّهُ طعن فِي وَجهه يَوْم مُؤْتَة فدلك وَجهه بدمه ثمَّ صرع بَين الصفين وَجعل يَقُول يَا معشر الْمُسلمين ذبوا عَن لحم أخيكم حَتَّى مَاتَ وَذَلِكَ سنة ثمانٍ لِلْهِجْرَةِ وروى عَنهُ من الصَّحَابَة ابْن عَبَّاس وَأَبُو هُرَيْرَة وَهُوَ الَّذِي نزلت فِيهِ وَفِي صَاحِبيهِ حسان بن ثَابت الْأنْصَارِيّ وَكَعب بن مَالك إِلَّا الَّذين آمنو وَعمِلُوا الصَّالِحَات وَذكروا الله كثيرا الْآيَة وَهُوَ أَخُو أبي الدَّرْدَاء لأمه وَهُوَ شَاعِر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأحد الشُّعَرَاء الَّذين كَانُوا يردون عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْأَذَى قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قل شعرًا تقتضبه السَّاعَة وَأَنا أنظر إِلَيْك فانبعث مَكَانَهُ يَقُول من الْبَسِيط
(إِنِّي تفرست فِيك الْخَيْر أعرفهُ ... وَالله يعلم أَن مَا خانني الْبَصَر)
(أَنْت النَّبِي وَمن يحرم شَفَاعَته ... يَوْم الْحساب لقد أودى بِهِ الْقدر)
(فَثَبت الله مَا أَتَاك من حسنٍ ... تثبيت مُوسَى ونصراً كَالَّذي نصروا)
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنت فشبتك الله با ابْن رَوَاحَة قَالَ هِشَام بن عُرْوَة فثبته الله أحسن ثباتٍ فَقتل شَهِيدا وَفتحت لَهُ الْجنَّة فَدَخلَهَا وَكَانَ عبد الله أحد الْأُمَرَاء بمؤتة وَأول خارجٍ إِلَى الْغَزْو وَآخر قافل وَلما خرج دَعَا الْمُسلمُونَ وَلمن مَعَه أَن يرد الله سَالِمين فَقَالَ من الْبَسِيط
(لكنني أسأَل الرحمان مغْفرَة ... وضربةً ذَات فرغ تقذف الزبدا)
(أَو طعنة بيَدي حران مجهزة ... بِحَرْبَة تنفذ الأحشاء والكبدا)
(حَتَّى يَقُولُوا إِذا مروا على جدثي ... يَا أرشد الله من غازٍ وَقد رشدا)
)
وَقَالَ يَوْم مُؤْتَة يُخَاطب نَفسه من الرجز
(أَقْسَمت بِاللَّه لتنزلنه ... بطاعةٍ مِنْك وتكرهنه)
(فطالما قد كنت مطمئنه ... جَعْفَر مَا أطيب ريح الجنه)
ثمَّ قَاتل حينا ثمَّ نزل فَأَتَاهُ ابْن عَم لَهُ برقٍ من لحمٍ فَقَالَ شدّ بِهَذَا ظهرك فَإنَّك قد لقِيت فِي أيامك هَذِه مَا لقِيت فَأَخذه من يَده فانتهس مِنْهُ نهسةً ثمَّ سمع الحطمة فِي النَّاس فَقَالَ وَأَنت فِي الدُّنْيَا فَأَلْقَاهُ من يَده ثمَّ أَخذ سَيْفه فقاتل حَتَّى قتل وَهُوَ الَّذِي مَشى لَيْلَة إِلَى أمةٍ لَهُ فنالها وفطنت لَهُ امْرَأَته فجحدها فَقَالَت لَهُ إِن كنت صَادِقا فاقرأ الْقُرْآن فالجنبُ لَا يقْرَأ فَقَالَ من الوافر
(شهدتُ أَن وعد الله حق ... وَأَن النَّار مثوى الكافرينا)
(وَأَن الْعَرْش فَوق المَاء حق ... وَفَوق الْعَرْش رب العالمينا)
(وتحمله ملائكةٌ غلاظٌ ... ملائكةُ الْإِلَه مسومينا)
فَقَالَت امْرَأَته صدق الله وكذبت عَيْني