وَمِنْه من السَّرِيع
(أرى غديراً الرَّوْض يهوى الصِّبَا ... وَقدر أَبَت مِنْهُ سكوناً يَدُوم)
(فُؤَاده مرتجفٌ للنوى ... طرفه مختلجٌ للقدوم)
وَمِنْه من الْكَامِل
(ولع النسيم ببانهم فلأجل ذَا ... قد جَاءَ وَهُوَ معطرٌ من تربه)
(وأظن لم يمس خفاق الحشا ... متولهاً إِلَّا بساكن شعبه)
وَمِنْه من الْخَفِيف
(حَار فِي لطفه النسيم فأضحى ... رائحاً اشتياقاً وغادي)
(مذ رأى الظبي مِنْهُ طرفا وجيداً ... هام وجدا عَلَيْهِ فِي كل وَاد)
وَكَانَ بالبقاع قاضٍ يلقب شهَاب الدّين وَله ولدٌ مليحٌ اسْمه مُوسَى فَأَتَاهُ فقيهٌ مَشْهُور باللواط وَكَانَ قد أظل شهر رَمَضَان فأنزله القَاضِي عِنْد ابْنه فَكتب إِلَيْهِ الْمُوفق الْمَذْكُور من السَّرِيع
(قل لشهاب الدّين يَا حَاكما ... فِي شَرعه الْحبّ على الْجَار جَار)
(آويت فِي ذَا الشَّهْر ضيفاً يرى ... أَن دَبِيب اللَّيْل مثل النَّهَار)
(وَهُوَ فقيهٌ أشعري الخُصى ... يعلم الصّبيان بَاب الظِّهَار)
(إياك إِن لاحت لَهُ غفلةٌ ... لف كبار الْبَيْت بعد الصغار)
وَكَانَ بالبقاع أَيْضا والٍ من أهل الْأَدَب يعرف بعلاء الدّين عَليّ بن درباسٍ بنظم الشّعْر ويتوالى وَكَانَ الْوَزير بِدِمَشْق إِذْ ذَاك بدر الدّين جَعْفَر ابْن الْآمِدِيّ وَكَانَ يتوالى فاتفق أَنه ولى عِنْده كَاتبا مِمَّن سلم من التسمير فِي نوبَة ديوَان المطابخ لأَنهم كَانُوا قد سرقوا قنداً كثيرا)
بِدِمَشْق فَبلغ ذَلِك الْملك الظَّاهِر بيبرس فَأمر بهم فسمروا وطيف بهم على الْجمال إِلَّا هَذَا الْكَاتِب فَإِنَّهُ شفع فِيهِ فَأطلق بعد أَن قدم إِلَى الْجمل ليسمر فَلَمَّا استخدمه ابْن الْآمِدِيّ بالبقاع ضيق على ابْن درباسٍ فَأَقَامَ يعْمل قريحته فِيمَا يَكْتُبهُ إِلَى ابْن الْآمِدِيّ فَلم يَأْتِ بشيءٍ فَسَأَلَ الْمُوفق الْمَذْكُور فِي ذَلِك فنظم من الْبَسِيط
(شكية يَا وَزِير الْعَصْر أرفعها ... مَا كَانَ يأمل هَذَا من ولاك عَليّ)
(لم يبْق فِي الأَرْض مختارٌ فتبعثه ... إِلَّا فَتى من بقايا وقْعَة الْجمل)
فَضَحِك ابْن الْآمِدِيّ وَقَالَ قَالَ وَالله الْحق ثمَّ عزل الْكَاتِب وَلم يستخدمه بعْدهَا أبدا