وَكَانَ سرياً سخياً كَاتبا فصيحاً لبيباً يطعم الطَّعَام ويصل كل من احْتَاجَ إِلَيْهِ وَكَانَ يكْتب للداود بن يزِيد بن)
هُبَيْرَة على كرمان وَأفَاد مَعَه مَالا وَكَانَ يجْرِي على جماعةٍ من أهل الْكُوفَة مَا بَين الْخَمْسمِائَةِ إِلَى الْأَلفَيْنِ وَكَانَت بَينه وَبَين عمَارَة بن حَمْزَة مَوَدَّة فَلَمَّا أنكر الْمَنْصُور على عمَارَة بن حَمْزَة شَيْئا وَنَقله إِلَى الْكُوفَة كَانَ ابْن المقفع يَأْتِيهِ ويزوره فَبينا هُوَ عِنْده ذَات يومٍ إِذْ ورد على عمَارَة كتاب وَكيله بِالْبَصْرَةِ يُعلمهُ فِيهِ أَن ضيعته مجاورةٌ لضيعةٍ تبَاع بِثَلَاثِينَ ألف دِرْهَم وَأَن ضيعته لَا تصلح إِلَّا بِهَذِهِ الضَّيْعَة وَإِن لم تشتر هَذِه الضَّيْعَة فيبيع ضيعته فَلَمَّا قَرَأَهُ قَالَ مَا أعجب أَمر هَذَا الْوَكِيل يُشِير علينا بمشترى ضيعةٍ فِي وَقت إضاقتنا وإملاقنا وَنحن إِلَى البيع أحْوج فَسمع ابْن المقفع الْكَلَام وَكتب فِي منزله سفتجةً إِلَى الْوَكِيل بِثَلَاثِينَ ألف دِرْهَم وَكتب إِلَيْهِ على لِسَان عمَارَة بمشترى الضَّيْعَة وَأَن يُقيم مَكَانَهُ وَينفذ إِلَيْهِ الْكتاب بالابتياع فَلم يشْعر عمَارَة بعد أيامٍ إِلَّا وَكتاب وَكيله قد ورد عَلَيْهِ قرين الْكتاب بمشترى الضَّيْعَة فتعجب عمَارَة من وُقُوع ذَلِك فَقيل لَهُ إِن ابْن المقفع فعل ذَلِك فَلَمَّا صَار إِلَيْهِ بعد أيامٍ وتحدثا قَالَ لَهُ عمَارَة بعثت الى الْوَكِيل بِثَلَاثِينَ ألف دِرْهَم وَكُنَّا إِلَيْهَا هَهُنَا أحْوج فَلَمَّا توجه من عِنْده بعث إِلَيْهِ بِثَلَاثِينَ ألف دِرْهَم أُخْرَى وَلما هرب عبد الله بن عَليّ بن الْعَبَّاس من أبي مُسلم الْخُرَاسَانِي قصد أَخَوَيْهِ سُلَيْمَان وَعِيسَى ابْني عَليّ وهما بِالْبَصْرَةِ فكاتبا الْمَنْصُور أَن يُؤمنهُ وأنفذ سُلَيْمَان كَاتبه عمر ابْن أبي حليمة فِي ذَلِك فاستقر الْأَمر فِي إِعْطَائِهِ الْأمان وأنفذ الْمَنْصُور سُفْيَان ابْن مُعَاوِيَة بن يزِيد بن الْمُهلب بن أبي صفرَة وَأمره بضبطهم والتضييق عَلَيْهِم حَتَّى يحضروا عبد الله بن عَليّ إِلَى حَضرته وَكَانَ ابْن المقفع يكْتب لعيسى بن عَليّ فَأمره عِيسَى بن عَليّ بِعَمَل نُسْخَة الْأَيْمَان لعبد الله وأكدها واحترس من كل تأويلٍ يجوز أَن يَقع عَلَيْهِ فِيهَا وترددت بَين أبي جعفرٍ الْمَنْصُور وَبينهمْ فِي النُّسْخَة كتبٌ ورسائل إِلَى أَن اسْتَقَرَّتْ على مَا أَرَادَ من الِاحْتِيَاط وَلم يَقع للمنصور فِيهَا حِيلَة لفرط احتيال ابْن المقفع وَكَانَ الَّذِي زَاده فِيهَا مِمَّا شقّ على الْمَنْصُور أَن قَالَ يُوقع بِخَطِّهِ فِي سفل الْأمان فَإِن أَنا نلْت عبد الله بن عَليّ أَو أحدا مِمَّن آمنته مَعَه بصغيرةٍ من الْمَكْرُوه أَو كَبِيرَة أَو أوصلت إِلَى أحدٍ مِنْهُم ضَرَرا سرا أَو عَلَانيَة على الْوُجُوه والأسباب كلهَا تَصْرِيحًا أَو كِنَايَة أَو بحيلةٍ من الْحِيَل
فَأَنا نفيٌ من مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن الْعَبَّاس ومولودٌ لغير رشدة وَقد حل لجَمِيع أمة مُحَمَّد خلعي وحربي والبراءة مني وَلَا بيعَة لي فِي رِقَاب الْمُسلمين وَلَا عهد وَلَا ذمَّة وَقد وَجب لَهُم الْخُرُوج من طَاعَتي وإعانة من ناوأني من جَمِيع الْخلق وَلَا مُوالَاة بيني وَبَين أحدٍ)
من الْمُسلمين وَأَنا متبرٍ من الْحول وَالْقُوَّة مدعٍ إِن كَانَ أَنه كافرٌ بِجَمِيعِ الْأَدْيَان ألْقى رَبِّي على غير دينٍ وَلَا شريعةٍ محرم المأكل وَالْمشْرَب والمنكح والملبس والمركب وَالرّق وَالْملك على سَائِر الْوُجُوه والأسباب كلهَا