للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقيل إِنَّهَا أُعِيدَت جَمِيعهَا إِلَى صَلَاح الدّين لِأَنَّهُ وضع على موفق الدّين والفقيه عِيسَى من نهبهما فِي الطَّرِيق وَكَانَ موت العاضد بذربٍ مفرطٍ وَقيل مَاتَ غماً لما بلغه قطع خطبتهم من مصر وَقيل سم نَفسه وَمَات يَوْم عَاشُورَاء بعد قطع الْخطْبَة بيوميات قَلَائِل يُقَال إِن صَلَاح الدّين لما بلغته وَفَاته قَالَ لَو علمت قرب أَجله مَا رَوْعَته بِقطع الْخطْبَة حكى ابْن المارستاني فِي سيرة الْوَزير عون الدّين ابْن هُبَيْرَة أَنه رأى إنسانٌ من أهل بَغْدَاد فِي سنة خمسٍ وَخمسين وَخَمْسمِائة كَأَن قمرين أَحدهمَا أنور من الآخر والأنور مِنْهُمَا مسامت الْقبْلَة وَله لحيةٌ سَوْدَاء فِيهَا طولٌ ويهب أدنى نسيم فيحركها وظلها فِي الأَرْض وَكَأن الرجل يتعجب من ذَلِك وَكَأَنَّهُ يسمع أصوات جماعةٍ يقرؤن بألحانٍ وأصواتٍ لم يسمع قطّ مثلهَا وَكَأَنَّهُ يسْأَل بعض من حضر فَقَالَ مَا هَذَا فَقَالَ قد استبدل النَّاس بإمامهم قَالَ وَكَأن الرجل اسْتقْبل الْقبْلَة وَهُوَ يَدْعُو الله أَن يَجعله إِمَامًا برا نقياً

واستيقظ الرجل وَبلغ هَذَا الْمَنَام الْوَزير ابْن هُبَيْرَة إِذْ ذَاك بِبَغْدَاد فَعبر الْمَنَام بِأَن الإِمَام الَّذِي بِمصْر يسْتَبْدل بِهِ وَتَكون لدَعْوَة لبني الْعَبَّاس لمَكَان اللِّحْيَة السَّوْدَاء وَقَوي هَذَا عِنْده حَتَّى كَاتب نور الدّين الشَّهِيد حِين دخل أَسد الدّين شيركوه إِلَى مصر فِي أول مرّة بِأَنَّهُ يظفر بِمصْر وَتَكون الْخطْبَة لبني الْعَبَّاس بهَا على يَده وَفِي قطع خطْبَة خلفاء مصر يَقُول العرقلة من الْخَفِيف

(أصبح الْملك بعد آل عليٍّ ... مشرقاً بالملوك من آل شاذي)

(وَغدا الشرق يحْسد الغرب للقو ... م ومصرٌ تعلو على بغداذ)

(مَا حووها إِلَّا بحزمٍ وعزمٍ ... وصليل الفولاذ فِي الفولاذ)

(لَا كفرعون والعزيز وَمن كَا ... ن بهَا كالخصيب والأستاذ)

وَيُقَال إِن الشريف الجليس وَهُوَ رجلٌ شرِيف كَانَ يجلس مَعَ العاضد ويحادثه عمل دَعْوَة لشمس الدولة توران شاه أخي السطان صَلَاح الدّين بعد انْقِرَاض دولة الفاطميين غرم عَلَيْهَا)

مَالا كثيرا وأحضرها جمَاعَة من أكَابِر أُمَرَاء الدولة الصلاحية فَلَمَّا جَلَسُوا على الطَّعَام قَالَ شمس الدولة للشريف حَدثنَا بِأَعْجَب مَا رَأَيْت قَالَ نعم طلبني العاضد يَوْمًا وَالْجَمَاعَة من الندماء فَلَمَّا دَخَلنَا عِنْده وجدنَا عِنْده مملوكين من التّرْك عَلَيْهِم أقبية مثل أقبيتكم وقلانس كقلانسكم وَفِي أوساطهم مناطق كمناطقكم فَقُلْنَا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا هَذ الَّذِي مَا رَأَيْنَاهُ قطّ فَقَالَ هَذِه هَيْئَة الَّذين يملكُونَ دِيَارنَا وَيَأْخُذُونَ أمولنا وذخائرنا وَكتب صَلَاح الدّين إِلى وَزِير بَغْدَاد على يَد شمس الدّين مُحَمَّد بن المحسن بن الْحُسَيْن بن أبي المضاء البعلبكي الَّذِي خطب أول شَيْء بِمصْر للعباسيين من إنْشَاء القَاضِي الْفَاضِل كتابا مِنْهُ وَقد توالت الْفتُوح غرباً ويمناً وشاماً وَصَارَت الْبِلَاد والشهر بل الدَّهْر حرما حَرَامًا

<<  <  ج: ص:  >  >>