للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وضاح فهويته وأنفذت إِلَى كثير وَإِلَى وضاح أَن انسبا بِي فكره ذَلِك كثير وشبب بجاريتها غاضرة وَذَلِكَ فِي قَوْله الوافر شجا أظعان غاضرة الغوادي وَأما وضاح فَإِنَّهُ صرح فَبلغ ذَلِك الْوَلِيد فَقتله وَقيل إِنَّه مدح الْوَلِيد فوعدته أَن تعينه على رفده وتقوي أمره فَقدم عَلَيْهِ وأنشده الوافر

(صبا قلبِي إِلَيْك وَمَال ميلًا ... وأرقني خيالك يَا أثيلا)

(يَمَانِية تلم بِنَا فتبدي ... ودقيق محَاسِن وتكن غيلا)

وَهِي أبياتٌ مشهورةٌ فَأحْسن رفده ثمَّ نمي إِلَيْهِ أَنه يشبب بِأم الْبَنِينَ فجفاه وحجبه ودبر فِي قَتله واختلسه وَدَفنه فِي دَاره وَقيل إِن أم الْبَنِينَ كَانَت ترسل إِلَيْهِ فَيدْخل إِلَيْهَا وَيُقِيم عِنْدهَا فَإِذا خَافت وارته فِي صندوق كَانَ عِنْدهَا فأهدي إِلَى الْوَلِيد جَوْهَر فأعجبه ودعى خَادِمًا وَبعث بِهِ إِلَى أم الْبَنِينَ فَدخل عَلَيْهَا مفاجأة ووضاح عِنْدهَا فَرَآهُ وَقد وارته فَقَالَ لَهَا يَا مولاتي هبي لي مِنْهُ حجرا فَقَالَت لَا يَا ابْن اللخناء وَلَا كَرَامَة فَرجع إِلَى الْوَلِيد وَأخْبرهُ الْخَبَر فَقَالَ لَهُ)

كذبت وَأمر بِهِ فوجئت عُنُقه ثمَّ أَتَى أم الْبَنِينَ وَهِي تمتشط فِي بَيتهَا وَقد وصف لَهُ الْخَادِم ذَلِك الصندوق فجَاء فَجَلَسَ عَلَيْهِ وَقَالَ لَهَا يَا أم الْبَنِينَ مَا أحب إِلَيْك هَذَا الْبَيْت من بَين بيوتك فَلم تختارينه قَالَت أختاره لِأَنَّهُ يجمع حوائجي كلهَا فأتناولها مِنْهُ من قرب على مَا أُرِيد فَقَالَ لَهَا هبي لي صندوقاً من هَذِه الصناديق فَقَالَت كلهَا لَك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ مَا أُرِيد كلهَا إِنَّمَا أُرِيد وَاحِدًا مِنْهَا فَقَالَت خُذ أَيهَا شِئْت قَالَ هَذَا الَّذِي جَلَست عَلَيْهِ قَالَت غَيره خُذ فَإِن لي فِيهِ أَشْيَاء أحتاج إِلَيْهَا قَالَ مَا أُرِيد غَيره قَالَت خُذْهُ فَدَعَا بالخدم وَأمرهمْ بِحمْلِهِ حَتَّى انْتهى بِهِ إِلَى مَجْلِسه وحفر بِئْرا عميقة فِي الْمجْلس إِلَى المَاء تَحت بساطه وَوضع الصندوق على شَفير الْبِئْر ودنا مِنْهُ وَقَالَ يَا صَاحب الصندوق إِنَّه بلغنَا شَيْء فَإِن كَانَ حَقًا فقد كَفَيْنَاك ودفناك ودفنا ذكرك وقطعنا أثرك إِلَى آخر الدَّهْر وَإِن كَانَ بَاطِلا فَإِنَّمَا دفنا الْخشب وَمَا أَهْون ذَلِك ثمَّ قذف بِهِ فِي الْبِئْر وهيل عَلَيْهِ التُّرَاب وسويت الأَرْض ورد الْبسَاط وَجلسَ عَلَيْهِ والوليد وَمَا رأى الْوَلِيد وَلَا أم الْبَنِينَ فِي وَجه وَاحِد مِنْهُمَا أثرا حَتَّى فرق الدَّهْر بَينهمَا

قَالَ البلاذري أم الْبَنِينَ صَاحِبَة وضاح الْيمن لَيست ببنت عبد الْعَزِيز بن مَرْوَان وَإِنَّمَا هِيَ أم الْبَنِينَ بنت الْمحرم من حمير من أهل الْيمن وَكَانَت جميلَة عَشِقَهَا وضاح وعشقته فَتَزَوجهَا وَخرج بهَا إِلَى مَكَّة وَطَلقهَا فحج الْوَلِيد وَهِي بِمَكَّة فَبَلغهُ حسنها وجمالها فَتَزَوجهَا وَخرج بهَا إِلَى الشَّام وَخرج وضاح خلفهَا فَفعل بِهِ الْوَلِيد مَا فعل

<<  <  ج: ص:  >  >>