معَاذ بن جبل وَكَانَ من الْعباد وَقيل أنّ عمر بن الْخطاب رَضِيَ الله عَنهُ كتب إِلَى عَمْرو بن الْعَاصِ أَن قرب إِلَيّ دَار عبد الرَّحْمَن بن ملجم ليعلم النَّاس الْقُرْآن وَالْفِقْه فَوسعَ لَهُ مَكَان دَاره ثمَّ كَانَ من شيعَة عَليّ بن أبي طَالب بِالْكُوفَةِ وَشهد مَعَه صفّين ثمَّ فعل مَا فعل وَهُوَ عِنْد الْخَوَارِج من أفضل الْأمة وَكَذَلِكَ النصيرية يعظمونه قَالَ ابْن حزم يَقُولُونَ أَن ابْن ملجم أفضل أهل الأَرْض لِأَنَّهُ خلص روح اللاهوت من ظلمَة الْجَسَد وكدره وَعند الروافض أَنه أَشْقَى الْخلق فِي الْآخِرَة وَهُوَ عندنَا أهل السّنة من نرجو لَهُ النَّار وَيجوز أَن الله تَعَالَى يتَجَاوَز عَنهُ وَحكمه حكم قَاتل عُثْمَان وَالزُّبَيْر وَطَلْحَة وَسَعِيد بن جُبَير وَقَاتل عمار وَقَاتل خَارِجَة وَقَاتل الْحُسَيْن فَكل هَؤُلَاءِ نبرأ مِنْهُ ونبغضهم فِي الله تَعَالَى وَنكل أَمرهم إِلَى الله وَلما دفن عَليّ أحضر ابْن ملجم وَجَاء النَّاس بالنفط والبواري وَقطعت يَدَاهُ وَرجلَاهُ وكحلت عَيناهُ ثمَّ قطع لِسَانه ثمَّ أحرق فِي قوصرة
وَكَانَ أسمر حسن الْوَجْه أفلج شعره مَعَ شحمة أُذُنه وَفِي جَبهته أثر السُّجُود وَكَانَت قتلته سنة أَرْبَعِينَ من الْهِجْرَة وَقيل إِنَّه قطعت يَدَاهُ وَرجلَاهُ وَلم يتأوه بل يَتْلُو الْقُرْآن فَلَمَّا أَرَادوا قطع لِسَانه امْتنع عَن إِخْرَاجه فتعبوا فِي ذَلِك فَقيل لَهُ قطعت يداك ورجلاك وَمَا ألمت وَلَا امْتنعت فَمَا هَذَا الِامْتِنَاع من قطع لسَانك فَقَالَ لِئَلَّا تفوتني تِلَاوَة الْقُرْآن شَيْئا وَأَنا حَيّ فشقوا شدقه وأخرجوا لِسَانه بكلاب وقطعوه
وَكَانَ السَّبَب فِي قَتله لعَلي أَن عليا لما قَاتل الْخَوَارِج بالنهروان واستأصل جمهورهم وَلم ينج مِنْهُم إِلَّا الْيَسِير انتدب لَهُ من بقاياهم عبد الرَّحْمَن بن ملجم وتعاقد الْخَوَارِج على قتل مُعَاوِيَة وَعَمْرو بن الْعَاصِ وَعلي بن أبي طَالب وَخرج مِنْهُم ثَلَاثَة نفر لذَلِك وَدخل عبد الرَّحْمَن الْكُوفَة وَاشْترى لذَلِك سَيْفا وسقاه السم فِيمَا زَعَمُوا حَتَّى لَفظه فَقيل ذَلِك لعَلي فَأحْضرهُ وَقَالَ لَهُ لم تَسْقِي سَيْفك السم قَالَ لعدوي وعدوك فخلى عَنهُ وَكَانَ فِي خلال ذَلِك يَأْتِي عليا فيسأله ويستحمله فيحمله إِلَى أَن وَقعت عينه على قُدَّام وَكَانَت جميلَة رائعة فأحبته فَخَطَبَهَا فَقَالَت لقد آلَيْت أَلا أَتزوّج إِلَّا على مهر لَا أُرِيد سواهُ فَقَالَ مَا هُوَ قَالَت ثَلَاثَة آلَاف دِرْهَم وَعبد وَجَارِيَة وَقتل عَليّ بن أبي طَالب فَقَالَ وَالله مَا أتيت إِلَّا للفتك بِهِ وَلَا أقدمني هَذَا الْمصر غير ذَلِك وَلَك لما رَأَيْتُك آثرت تزويجك فَقَالَت لَيْسَ إِلَّا الَّذِي قلت لَك فَقَالَ وَمَا بغيتك أَو مَا يغنيني مِنْك قتل عَليّ وَأَنا أعلم أَنِّي إِذا قتلته لم أفلت فَقَالَت إِن قتلته ونجوت فَهُوَ)
الَّذِي أردْت تبلغ شِفَاء نَفسِي ويهنيك الْعَيْش معي وَإِن قتلت فَمَا عِنْد الله خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا فَقَالَ لَهَا لَك مَا اشْترطت ثمَّ قَالَ الطَّوِيل