للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْملك أَحْمد بن هولاكو كن من مماليك الْخَلِيفَة المستعصم وَكَانَ اسْمه قراجا فَلَمَّا أخذت بغداذ تزهد واتصل بِالْملكِ أَحْمد وَعظم عِنْده إِلَى أَن كَانَ ينزل إِلَى زيارته وَإِذا شَاهده ترجل وَقبل يَده وامتثل جَمِيع مَا يَأْمُرهُ بِهِ فَأَشَارَ عَلَيْهِ أَن يتَّفق مَعَ الْملك الْمَنْصُور فندبه لذَلِك وسير فِي خدمته جمَاعَة كَثِيرَة من الْمغل فَحَضَرَ إِلَى دمشق فِي ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وست مائَة وَأقَام بِمن مَعَه فِي دَار رضوَان ورتب لَهُم من الإقامات مَا لَا مزِيد عَلَيْهِ وَقدم السُّلْطَان الشَّام فَعِنْدَ وُصُوله بلغه قتل أَحْمد وتملك أرغون فَاسْتَحْضر الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن لَيْلًا بالقلعة وَسمع رسَالَته ثمَّ أخبرهُ بقتل مرسله وَعَاد السُّلْطَان إِلَى مصر وَبَقِي عبد الرَّحْمَن وَمن مَعَه معتقلين بالقلعة وَاخْتصرَ أَكثر تِلْكَ الرَّوَاتِب فَلَمَّا كَانَ فِي آخر شهر رَمَضَان سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وست مائَة توفّي الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن وَدفن بسفح قاسيون وَقد نَيف على السِّتين وَبَقِي من مَعَه على حَالهم وتطاول بهم الاعتقال وضاق بهم الْحَال فِي الْمطعم والملبس فنظم النَّجْم يحيى شعرًا وَبعث بِهِ إِلَى ملك الْأُمَرَاء حسام الدّين لاجين مِنْهُ الْكَامِل

(أولى بسجنك أَن يُحِيط وتقتفي ... صيد الْمُلُوك وأفخر العظماء)

(مَا قدر فرَاش وحداد ونق ... اط وخربندا إِلَى سقاء)

(خدموا رَسُولا مَا لَهُم علم بِمَا ... يخفى وَمَا يُبْدِي من الْأَشْيَاء)

(لم يتبعوا الشَّيْخ الرَّسُول ديانَة ... وطلاب علم واغتنام دُعَاء)

)

(بل رَغْبَة فِي نيل مَا يتَصَدَّق ال ... سُلْطَان من كرم وفيض عَطاء)

(ويؤملون فواضلاً تَأتيه من ... لحم وَفَاكِهَة وَمن حلواء)

(تَفِرُّوا من الْكفَّار والتجأوا إِلَى ال ... إِسْلَام وَاتبعُوا سَبِيل نجاء)

(فيقابلون بطول سجن دَائِم ... وتحسر ومجاعة وعناء)

(أخبارهم مَقْطُوعَة فكأنهم ... موتى وهم فِي صُورَة الْأَحْيَاء)

(إِن كَانَ خيرا قد مضى أَو كَانَ ش ... راً قد أمنت عواقب الأسواء)

(وَإِذا قطعت الرَّأْس من بشر فَلَا ... تحفل بِمَا يبْقى من الْأَعْضَاء)

فَلَمَّا وقف عَلَيْهَا أطلق أَكْثَرهم وَبَقِي مِنْهُم ثَلَاثَة قيل إِن صَاحب ماردين أَشَارَ بإبقائهم فِي الاعتقال وَكَانَت مَقَاصِد الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن جَيِّدَة وباطنه وَظَاهره منصرف إِلَى نصْرَة الْإِسْلَام واجتماع الْكَلِمَة وَله سفرات عديدة إِلَى مصر وَالشَّام والحجاز وَلما قدم فِي الرسلية كَانُوا يَسِيرُونَ بِهِ فِي اللَّيْل وينزلون بِهِ فِي النَّهَار

قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَكَانَ يعرف السحر والسيمياء رَأَيْت فِي تَارِيخ أَنه كَانَ رومياً من فِرَاشِي السدة وَأخذ من الدّور وَقت الكائنة جوهراً نفيساً وَأسر فَسلم لَهُ الْجَوْهَر ثمَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>