للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

السُّلْطَان الْملك النَّاصِر صَلَاح الدّين يُوسُف بن أَيُّوب ولد فِي نصف جُمَادَى الْآخِرَة سنة تسع وَعشْرين وَخمْس مائَة وَتُوفِّي سنة سِتّ وَتِسْعين وَخمْس مائَة رَحمَه الله

قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين اشْتغل بصناعة الْإِنْشَاء على الْمُوفق ابْن الْخلال شيخ الْإِنْشَاء لخلفاء مصر ثمَّ خدم بالإسكندرية فِي صباه سمع السلَفِي وَأَبا مُحَمَّد العثماني وَأَبا طَاهِر بن عَوْف وَأَبا الْقَاسِم بن عَسَاكِر وَعُثْمَان بن سعيد بن فَرح الْعَبدَرِي وَكَانُوا ثَلَاثَة إخْوَة أحدهم خدم بالإسكندرية وَبهَا مَاتَ خلف من الخواتيم صناديق وَمن الْحصْر والقدور والخزف بُيُوتًا مَمْلُوءَة وَكَانَ إِذا رأى خَاتمًا وَسمع بِهِ تسبب فِي تَحْصِيله وَأما الآخر فَكَانَ لَهُ هوى مفرط فِي تَحْصِيل الْكتب كَانَ عِنْده زهاء مِائَتي ألف كتاب من كل كتاب نسخ وَكَانَ الْفَاضِل رَحمَه الله تَعَالَى قَلِيل النَّحْو وَلكنه لَهُ دربة توجب لَهُ قلَّة اللّحن كَانَ عِنْد ابْن سناء الْملك من إنشائه اثْنَان وَعِشْرُونَ مجلدة وَعند ابْن الْقطَّان أحد كِتَابه عشرُون مجلداً وَكَانَ متقللاً فِي مطعمه ومنكحه وملبسه لِبَاسه الْبيَاض لَا يبلغ جَمِيع مَا عَلَيْهِ دينارين ويركب مَعَه غُلَام وركاب وَلَا يُمكن أحدا أَن يَصْحَبهُ وَيكثر تشييع الْجَنَائِز وعيادة المرضى وزيارة الْقُبُور وَكَانَ ضَعِيف)

البنية رَقِيق الصُّورَة لَهُ حدبة يغطيها الطيلسان وَكَانَ فِيهِ سوء خلق يكد بِهِ نَفسه وَلَا يضر بِهِ أحدا ولأصحاب الْفَضَائِل عِنْده نفاق يحسن إِلَيْهِم وَلَا يمن عَلَيْهِم وَلم يكن لَهُ انتقام من أعدائه إِلَّا بِالْإِحْسَانِ وَكَانَ دخله ومعلومه فِي السّنة خمسين ألف دِينَار سوى متاجر الْهِنْد وَالْمغْرب وَغَيرهمَا مَاتَ مسكوباً أحْوج مَا كَانَ إِلَى الْمَوْت عِنْد تولي الإقبال وإقبال الإدبار وَهَذَا يدل على أَن لله بِهِ عناية وَله أوقاف فِي فكاك الأسرى وأعان الطّلبَة الشَّافِعِيَّة والمالكية عِنْد دَاره بِالْمَدْرَسَةِ والأيتام بِالْكتاب وَله مُعَاملَة حَسَنَة مَعَ الله وتهجد فِي اللَّيْل لما بلغه أَن الْعَادِل أَخذ الديار المصرية دَعَا على نَفسه بِالْمَوْتِ خشيَة من ابْن شكر وزيره فيهينه انْتهى

وَقَالَ ياقوت فِي مُعْجم الأدباء مولده وَأَصله بعسقلان وَإِنَّمَا قيل لَهُ البيساني لِأَن وَالِده ولي الْقَضَاء ببيسان قيل لما ولد أَخذ طالعه القَاضِي ابْن قُرَيْش وَكَانَ خَبِيرا بِعلم النُّجُوم فَقَالَ هَذِه وَالله سَعَادَة لَا تسعها الدُّنْيَا فضلا عَن عسقلان قلت وَقد ذكر مولده وطالعه واتصالات الْكَوَاكِب فِي ذَلِك الْوَقْت القَاضِي محيي الدّين بن عبد الظَّاهِر فِي الْكتاب الَّذِي سَمَّاهُ الدّرّ النظيم فِي تقريظ عبد الرَّحِيم

<<  <  ج: ص:  >  >>