للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ذَلِك الْوَقْت رئاسة الْأَطِبَّاء بِمصْر وَالشَّام

وَكَانَ خَبِيرا بِكُل مَا يقْرَأ عَلَيْهِ ولازم السَّيْف الْآمِدِيّ وَحصل مُعظم مصنفاته ثمَّ نظر فِي الْهَيْئَة والنجوم ثمَّ طلبه الْأَشْرَف فَتوجه إِلَيْهِ وأقطعه مَا يغل فِي السّنة ألف وَخمْس مائَة دِينَار ثمَّ عرض لَهُ ثقل فِي لِسَانه واسترخاء فجَاء إِلَى دمشق لما ملكهَا الْأَشْرَف فولاه رئاسة الطِّبّ بهَا وَجعل لَهُ مَجْلِسا ليدرس الصَّنْعَة وَزَاد ثقل لِسَانه حَتَّى إِنَّه لم يفهم كَلَامه وَكَانَ الْجَمَاعَة يبحثون بَين يَدَيْهِ ويجيب هُوَ وَرُبمَا كتب لَهُم مَا يشكل فِي اللَّوْح واجتهد فِي علاج نَفسه واستفرغ بدنه مَرَّات وَاسْتعْمل المعاجين الحارة فعرضت لَهُ حمى قَوِيَّة فأضعفت قوته وَظَهَرت بِهِ أمراض كَثِيرَة وأسكت سِتَّة أشهر وسالت عينه

وَاتفقَ لَهُ فِي بادئ خدمته للعادل أَشْيَاء قربته من خاطره وأعلت مَحَله عِنْده مِنْهَا أَنه اتّفق لَهُ مرض شَدِيد وعالجه الْأَطِبَّاء وَهُوَ مَعَهم فَقَالَ يَوْمًا لَا بُد من الفصد فَلم ير الْأَطِبَّاء بِهِ فَقَالَ وَالله لَئِن لم يخرج لَهُ دَمًا ليخرجن بِغَيْر اخْتِيَاره فاتفق أَن رعف السُّلْطَان وَبرئ وَمِنْهَا أَنه كَانَ يَوْمًا على بَاب دور السُّلْطَان فَخرج إِلَيْهِم خَادِم وَمَعَهُ قَارُورَة فرأوها ووصفوا لَهَا علاجاً فَأنْكر هُوَ ذَلِك العلاج وَقَالَ لَيْسَ هَذَا دَوَاء ويوشك أَن تكون هَذِه القارورة من حناء اختضبت بِهِ فاعترف الْخَادِم لَهُم بذلك وَمن شعره مَا كتبه إِلَى الْحَكِيم رشيد الدّين أبي خَليفَة فِي مرضة مَرضهَا الْكَامِل

(حوشيت من مرض تُعَاد لأَجله ... وَبقيت مَا بقيت لنا أَعْرَاض)

(إِنَّا نعدك جوهراً فِي عصرنا ... وَسوَاك إِن عدوا فهم أَعْرَاض)

نقلت من خطّ شهَاب الدّين القوصي فِي مُعْجَمه قَالَ أَنْشدني لنَفسِهِ على بن مُحَمَّد بن يُوسُف بن خروف النَّحْوِيّ يهجو الدخوار الْبَسِيط)

(لَا ترجون من الدخوار مَنْفَعَة ... فَلَو شفى علتيه الْعجب والعرجا)

(طَبِيب إِن رأى المطبوب طلعته ... لَا يرتجي صِحَة مِنْهَا وَلَا فرجا)

(إِذا تَأمل فِي دستوره سحرًا ... وَقَالَ أَيْن فلَان قيل قد درجا)

(فشربة دخلت مِمَّا يركبه ... جسم العليل وروح مِنْهُ قد خرجا)

قَالَ وأنشدني لَهُ فِيهِ الْبَسِيط

(إِن الأعيرج حَاز الطِّبّ أجمعه ... اسْتغْفر الله إِلَّا الْعلم والعملا)

(وَلَيْسَ يجهل شَيْئا من غوامضه ... إِلَّا الدَّلَائِل والأمراض والعللا)

(فِي حِيلَة الْبُرْء قلت عِنْده حيل ... بعد اجْتِهَاد ويدري للردى حيلا)

(الرّوح يسكن جثمان العليل على ... علاته فَإِذا مَا طبه رحلا)

<<  <  ج: ص:  >  >>