عَنهُ فَلَمَّا توجه إِلَى الشَّام وَتَوَلَّى قَاضِي الْقُضَاة عز الدّين ابْن جمَاعَة ولاه قَضَاء دمياط لم يزل بهَا حَاكما إِلَى أَن مَاتَ فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة أَرْبَعِينَ وَسبع ماية وَولي قَضَاء عجلون فِيمَا أَظن أَو الخطابة وَقَضَاء سلمية وَغير ذَلِك وَكَانَ فصيح الْعبارَة مليح الشكل أَحْمَر الْوَجْه مستديره موجناً منور الشيبة عذب الْكَلَام ينظم نظماً عذباً منسجماً فِيهِ بعض شَيْء من اللّحن الْخَفي جدا وَعمل مجلدة فِي الْخطب وسمها بتحفة الألباء فقرأتها عَلَيْهِ بصفد جَمْعَاء وأجازني جَمِيع مَا يجوز لَهُ أَن يرويهِ وَفِي هَذِه الْخطب مَوَاضِع خَارِجَة جَمْعَاء وأجازني جَمِيع مَا يجوز لَهُ أَن يرويهِ وَفِي هَذِه الْخطب مَوَاضِع خَارِجَة عَن الصَّوَاب من اللّحن الْخَفي فَكتبت أَنا عَلَيْهَا طبقَة وَصورتهَا قَرَأت هَذِه الْخطب المسردة على حُرُوف المعجم من أَولهَا إِلَى آخرهَا على مصنفها وكاتبها الْفَقِير إِلَى الله تَعَالَى القَاضِي جمال الدّين عبد القاهر بن مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد التبريزي الشَّافِعِي الْحَاكِم بصفد المحروسة لَا زَالَت الطروس توشى وتوشع بِكَلَامِهِ وأقلامه وترصف وترصع بِحكمِهِ وَأَحْكَامه ومحاسن أَيَّامه ولياليه تنشى وتنشد ودرر نثره ونظامه تنظم وتنضد قِرَاءَة من غاص اللجة من بَحر حبرها وَعلم قيمَة الْمُنْتَقى والمنتقد من دراريها)
ودرها واستشف مَعَانِيهَا المجلوة فِي حبر حبرها وَصدق معجز آياتها وَمَا شكّ فِي خبر خَبَرهَا واستجلى وُجُوه عربها وتوجيه إعرابها وَتحقّق أَن القرائح مَا لَهَا طَاقَة على مثلهَا فِي بَابهَا وتنزه فِي حدائقها الَّتِي ضربت عَلَيْهَا أرواق الأوراق واجتلى أبكارها الغر فَكَانَت حَقِيقَة فتْنَة العشاق فسرحت سوام الطّرف فِيمَا أرضاه من روضاتها ورشفت قطر البلاغة مِمَّا زهي من زهراتها
(وتشنفت أُذُنِي بلؤلؤ لَفظهَا ... وتنزهت عَيْنَايَ فِي جناتها)
(وتأملت أفهامنا فتمايلت ... بترشف الصَّهْبَاء من كاساتها)
(فَكَأَن همز سطورها بطروسها ... ورق على الأغصان من ألفاتها)
(وَكَأَنَّهَا وجنات غيد نقطها ... خَال على الأصداغ من جيماتها)
(لله مَا أطرى وأطرب مَا أَتَى ... فِي هَذِه الأوراق من سجعاتها)
(لَا غرو أَن عقدت لِسَان أولي النهى ... عَن مثلهَا بِالسحرِ من كلماتها)
وأنشدني من لَفظه لنَفسِهِ بصفد سنة أَربع وَعشْرين وَسبع ماية فِي الشبابة
(وناطقة بأفواه ثَمَان ... تميل بعقل ذِي اللب الْعَفِيف)
(لكل فَم لِسَان مستعار ... يُخَالف بَين تقطيع الْحُرُوف)
(تخاطبنا بِلَفْظ لَا يعيه ... سوى من كَانَ ذَا طبع لطيف)
(فضيحة عاشق ونديم رَاع ... وَعزة موكب ومدام صوفي)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute