للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَلَاء الدّين فَنزل إِلَيْهِ وتلقاه واندهش لقدومه فَحلف أَنه مَا يَأْكُل مَا يحضرهُ إِلَيْهِ من خَارج الْبُسْتَان وَإِلَّا مهما كَانَ طَعَام ذَلِك النَّهَار يحضرهُ فأحضر لَهُ مَا اتّفق حُضُوره وَقَالَ يَا مَوْلَانَا أَنا مَا أعلمتك بمجيئي وَلَكِن أَنا مثل الْيَوْم ضيفك وَلَكِن لَا ألتقي هَذِه الْعِمَارَة على هَذِه الصُّورَة وَشرع رتبها على مَا أَرَادَ وَرَاح من عِنْده فَلم يشْعر عَلَاء الدّين ذَلِك الْيَوْم إِلَّا بالمراكب قد أرست على زريبته بأنواع الأخشاب والطوب وأفلاق النّخل والجبس والمهندسين والصناع والفعول وَكلما يحْتَاج إِلَيْهِ وَأخذُوا فِي هدم ذَلِك الْمَكَان وشرعوا فِي بنائِهِ على مَا قَالَه لَهُم فَلم)

يَأْتِ على ذَلِك خَمْسَة أَيَّام أَو سِتَّة إِلَّا وَقد تَكَامل ورخم وزخرف وَفرغ مِنْهُ فَلَمَّا كَانَ قبل ذَلِك الميعاد بِيَوْم جَاءَ إِلَيْهِ مركب موسق بأنواع الْغنم والإوز والدجاج الفايق وَغَيره وَالسكر والأرز وَجَمِيع مَا يطْبخ حَتَّى المخافي والماعون الصيني والجبن وَمن يقليه وَعمل الطَّعَام الفايق الْمُخْتَلف وَمد السماط الْعَظِيم وَنزل القَاضِي كريم الدّين وَمَعَهُ من يختاره وَجَاء إِلَيْهِ وجد الدَّار قد عمرت على مَا أَرَادَ وَالطَّعَام قد مد سماطه فَأكل هُوَ وَمن مَعَه وأحضر أَنْوَاع الْفَاكِهَة والحلوى والمشروب وَلما فرغ من ذَلِك أحضر بقجة كَبِيرَة أخرج مِنْهَا مَا يصلح للنِّسَاء من القماش الإسكندري وَغَيره وَمَا يصلح لملبوس عَلَاء الدّين وَقَالَ هَذِه خَمْسَة آلَاف دِرْهَم يكسو بهَا مَوْلَانَا عبيده وجواريه على مَا يرَاهُ وَهَذَا توقيع تصدق بِهِ مَوْلَانَا السُّلْطَان على مَوْلَانَا فِيهِ زِيَادَة مَعْلُوم دَرَاهِم وغلة وَكِسْوَة وَلحم وجراية وَنزل يركب فَنزل مَعَه فَلَمَّا ركب وفارقه قَالَ يَا مَوْلَانَا عَلَاء الدّين وَالله هَذِه الْأَشْيَاء أَنا أَفعَلهَا طبعا وَأَنا لَا أرجوك وَلَا أخافك وعَلى الْجُمْلَة فَمَا سَمِعت عَنهُ بالديار المصرية إِلَّا كل مكرمَة غير الْأُخْرَى بيتدع فعلهَا وَلم نسمعها عَن غَيره وَهُوَ الَّذِي صدق أَخْبَار البرامكة وَمن رياسته أَنه كَانَ إِذا قَالَ لَك نعم كَانَت نعم وَإِذا قَالَ لَك لَا فَهِيَ لَا وَهَذِه تَمام الرياسة قدم من الثغر نوبَة حريق الْقَاهِرَة وَنسب إِلَيْهِ ميل إِلَى النَّصَارَى فغوث بِهِ الغوغاء ورجموه فَغَضب السُّلْطَان وَقطع أَيدي أَرْبَعَة وتزاحم الْخلق واختنق رجل وَكَانَ إِذا دخل إِلَى البيمارستان المنصوري وَقد ولي نظره يتَصَدَّق بِعشْرَة آلَاف دِرْهَم فَمَاتَ فِي مرّة ثَلَاثَة أنفس على مَا قيل وَقيل إِنَّه شرب مرّة دَوَاء فَجمع كل مَا دخل الْقَاهِرَة ومصر من الْورْد وَحمل إِلَى دَاره وَبسط إِلَى كراسي بَيت المَاء وداس النَّاس مَا داسوه وَأخذ مَا فضل وأباعه الغلمان للبيمارستان بمبلغ ثَلَاثَة آلَاف دِرْهَم

وَكَانَ وقوراً عَاقِلا داهية جزل الرَّأْي بعيد الْغَوْر عمر بالزريبة جامعاُ وميضأة وَعمر فِي طرق الرمل البيارات وَأصْلح الطّرق وَعمر جَامع القبيبات والقابون ووقف عَلَيْهِمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>