للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَلها عَلَيْك الْعدْل فِي حكمهَا والتثبت فِي حادثها فَقَالَ لَهُ الرشيد هَذَا قمامة كاتبك يُخْبِرنِي بِفساد نيتك)

وَسُوء سيرتك قَالَ فَأَسْمع كَلَام قمامة فَلَعَلَّهُ أَعْطَاك مَا لَيْسَ فِي عقده وَلَعَلَّه لَا يقدر أَن يعضهني وَلَا يبهتني بِمَا لم يعرفهُ مني وَلم يَصح لَهُ عني فَأمر بإحضاره فَقَالَ لَهُ الرشيد تكلم غير خَائِف وَلَا هائب فَقَالَ أَقُول إِنَّه عازم على الْغدر بك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَالْخلاف عَلَيْك فَقَالَ عبد الْملك وَكَيف لَا يكذب عَليّ بن خَلْفي من يبهتني فِي وَجْهي فَقَالَ الرشيد فَهَذَا عبد الرَّحْمَن ابْنك يَقُول بقول كاتبك ويخبر عَن سوء ضميرك وَفَسَاد نيتك وَأَنت لَو أردْت أَن تحتج بِحجَّة لم نجد أعدل من هذَيْن فَبِمَ تدفعهما عَنْك فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ عبد الرَّحْمَن بَين مَأْمُور أَو عَاق فَإِن كَانَ مَأْمُورا فمعذور وَإِن كَانَ عاقاً فَهُوَ عَدو أخبر الله بعداوته وحذر مِنْهَا فَقَالَ جلّ ثَنَاؤُهُ فِي مُحكم كِتَابه إِن من أزواجكم وَأَوْلَادكُمْ عدوا لكم فاحذروهم فَنَهَضَ الرشيد وَقَالَ أما أَمرك فقد وضح وَلَكِن لَا أعجل حَتَّى أعلم مَا الَّذِي يُرْضِي الله فِيك فَإِنَّهُ الحكم بيني وَبَيْنك فَقَالَ عبد الْملك رضيت بِاللَّه حكما وبأمير الْمُؤمنِينَ حَاكما فَإِنِّي أعلم أَنه يُؤثر كتاب الله على هَوَاهُ وَأمر الله على رِضَاهُ ثمَّ إِنَّه دخل عَلَيْهِ فِي مجْلِس آخر وَسلم فَلم يرد عَلَيْهِ الرشيد فَلم يزل يعْتَذر ويحتج لنَفسِهِ بِالْبَرَاءَةِ حَتَّى أقبل عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ وَقَالَ مَا أَظن الْأَمر إِلَّا كَمَا قلت يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن وَأَنت محسد وأمير الْمُؤمنِينَ يعلم أَنَّك على سريرة صَالِحَة غير مدخولة وَلَا خسيسة ثمَّ دَعَا عبد الْملك بِشَربَة مَاء فَقَالَ الرشيد مَا شرابك يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن قَالَ سحيق الطبرزد ذَر بِمَاء الرُّمَّان فَقَالَ بخ بخ عضوان لطيفان يذهبان الظما ويلذان المذاق فَقَالَ عبد الْملك صِفَتك لَهما يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ ألذ من فعلهمَا ثمَّ إِن الرشيد تنكر لَهُ بعد ذَلِك وحبسه عَن الْفضل بن الرّبيع وَقَالَ أما وَالله لَوْلَا الْإِبْقَاء على بني هَاشم لضَرَبْت عتقك وَلم يزل مَحْبُوسًا حَتَّى توفّي الرشيد فَأَطْلقهُ الْأمين وَعقد لَهُ على الشَّام وَكَانَ مُقيما بالرقة وَجعل للأمين عهد الله وميثاقه لَئِن قتل وَهُوَ حَيّ لَا يُعْطي الْمَأْمُون طَاعَته أبدا فَمَاتَ قبل قتل الْأمين وَدفن فِي دَار من دور الْإِمَارَة فمل خرج الْمَأْمُون يُرِيد الرّوم أرسل إِلَى ابْن لَهُ حول أَبَاك عَن دَاري فنبشت عِظَامه وحولت

وَكتب إِلَى الرشيد قبل إشخاصه إِلَى الْعرَاق وَقد تغير عَلَيْهِ

(أخلاي لي شجو وَلَيْسَ لكم شجو ... وكل امْرِئ من شجو صَاحبه خلو)

(من أبي نواحي الأَرْض أبغي رضاكم ... وَأَنْتُم أنَاس مَا لمرضاتكم نَحْو)

(فَلَا حسن نأتي بِهِ تقبلونه ... وَلَا إِن أسأنا كَانَ عنْدكُمْ عَفْو)

<<  <  ج: ص:  >  >>