الحاجبين كَبِير الْعَينَيْنِ مشرف الْأنف كثير الشّعْر متفلج الْفَم مشبك الْأَسْنَان بِالذَّهَب أبخر كَانَ يلقب أَبَا الذبان يَزْعمُونَ أَن الذبابة إِذا مرت بِفِيهِ مَاتَت لشدَّة بخره
ولد يَوْم جلس عُثْمَان للخلافة وَكَانَ ملكه مَه سني ابْن الزبير إِحْدَى وَعشْرين سنة وَسِتَّة أشهر وخلص لَهُ ثَلَاث عشرَة سنة وَأَرْبَعَة أشهر وَلما مَاتَ صلى عَلَيْهِ ابْنه الْوَلِيد كَانَ كَاتبه قبيصَة بن ذُؤَيْب وسرجون بن مَنْصُور وعَلى رسائله أَبُو الزعيزعة وَفِي أَيَّامه حولت الدَّوَاوِين إِلَى الْعَرَبيَّة وَفِي تَارِيخ الْقُضَاعِي وَكتب لَهُ روح بن زنباع وَكَانَ حَاجِبه أَبُو يُوسُف مَوْلَاهُ ثمَّ أَبُو درة وَنقش خَاتمه آمَنت بِاللَّه مخلصاً وَفِي أَيَّامه نقشت الدَّنَانِير وَالدَّرَاهِم بِالْعَرَبِيَّةِ سنة سِتّ وَسبعين وَكَانَ على الدَّنَانِير قبل ذَلِك كِتَابَة بالرومية وعَلى الدَّرَاهِم كِتَابَة بِالْفَارِسِيَّةِ وَكَانَت المثاقيل فِي الْجَاهِلِيَّة اثْنَيْنِ وَعشْرين قيراطاً إِلَّا حَبَّة بالشامي
كتب إِلَى الْحجَّاج مرّة رِسَالَة مِنْهَا قد بَلغنِي عَنْك إِسْرَاف فِي الْقَتْل وتبذير فِي المَال وَهَاتَانِ خلَّتَانِ لَا احْتمل عَلَيْهِمَا أحدا وَقد حكمت عَلَيْك فِي الْعمد بالقود وَفِي الْخَطَأ بِالدِّيَةِ وَفِي الْأَمْوَال تردها إِلَى موَاضعهَا وسيان منع حق أَو إِعْطَاء بَاطِل لَا يؤنسنك إِلَّا الطَّاعَة وَلَا يوحشنك إِلَّا الْمعْصِيَة وَكتب فِي آخر كِتَابه
(وَإِن ترمني غَفلَة قرشية ... فيا رُبمَا قد غص بِالْمَاءِ شَاربه)
(وَإِن ترمني غضبة أموية ... فَهَذَا وَهَذَا كل ذَا أَنا صَاحبه)
(سأملي لذِي الذَّنب الْعَظِيم كأنني ... أَخُو غَفلَة عَنهُ وَقد جب غاربه)
(فَإِن كف لم أعجل عَلَيْهِ وَإِن أَبى ... وَثَبت عَلَيْهِ وثبة لَا أراقبه)
وَلما قتل عَمْرو بن عيد قَالَ
(أدنيته مني ليسكن روعه ... فأصول صولة حَازِم مستمكن)
(غَضبا لديني والخلافة إِنَّه ... لَيْسَ الْمُسِيء سَبيله كالمحسن)
قَالَ ابْن جريج عَن أَبِيه خَطَبنَا عبد الْملك بن مَرْوَان بِالْمَدِينَةِ بعد قتل ابْن الزبير فِي الْعَام الَّذِي)
حج فِيهِ سنة خمس وَسبعين فَقَالَ بعد حمد الله وَالثنَاء عَلَيْهِ أما بعد فلست بالخليفة المستضعف وَلَا الْخَلِيفَة المداهن وَلَا الْخَلِيفَة المأفون أَلا وَإِن من كَانَ قبلي من الْخُلَفَاء كَانُوا يَأْكُلُون ويطعمون من هَذِه الْأَمْوَال أَلا وَأَنِّي لَا أداوي هَذِه الْأمة إِلَّا بِالسَّيْفِ حَتَّى تستقيم لي قناتكم تكلفونا أَعمال الْمُهَاجِرين الْأَوَّلين وَلَا تعلمُونَ أَعْمَالهم فَلَنْ تزدادوا