وَلما تقدم الْقَاسِم للصَّلَاة عَلَيْهِ قَالَ أَيْضا
(قضوا مَا قضوا من أمره ثمَّ قدمُوا ... إِمَامًا لَهُم والنعش بَين يَدَيْهِ)
(فصلوا عَلَيْهِ خاشعين كَأَنَّهُمْ ... وقُوف خضوع للسلام عَلَيْهِ)
وَله فِيهِ مَرَّات كَثِيرَة وَمِنْهَا قَوْله
(لم تمت أَنْت إِنَّمَا مَاتَ من لم ... يبْق فِي الْمجد والمكارم ذكرا)
(لست مستقياً لقبرك غيثاً ... كَيفَ يظمى وَقد تضمن بحرا)
(أَنْت أولى بِأَن تعزى بِنَا منا ... فقد مَاتَ بعْدك النَّاس طرا)
وَحضر يَوْمًا الشُّهُود وَكَتَبُوا إشهاداً على المعتضد وَكَتَبُوا إِن أَمِير الْمُؤمنِينَ أَبَا الْعَبَّاس المعتضد بِاللَّه أشهدهم على نَفسه فِي صِحَة مِنْهُ وَجَوَاز أَمر وَعرضت النُّسْخَة على الْوَزير أبي الْقَاسِم فَضرب عَلَيْهَا وَقَالَ هَذَا لَا يحسن كتبته عَن الْخَلِيفَة اكتبوا فِي سَلامَة من جِسْمه وإصابة من رَأْيه وَلما استتر عِنْد ابْن أبي عَوْف دخل عَلَيْهِ بوماً فِي حجرَة أفردها لَهُ فَقَالَ لَهُ وَقَالَ يَا سَيِّدي إخبأ لي هَذَا الْقيام إِلَى وَقت أنتفع بِهِ فَمَا كَانَ بعد مُدَّة حَتَّى ولي الوزارة فاستدعاه فَصَارَ إِلَيْهِ وَهُوَ فِي مَجْلِسه بخلعته وَالنَّاس عِنْده على طبقاتهم فَلَمَّا رَآهُ قَامَ قَائِما وعانقه وَقَالَ هَذَا وَقت تنْتَفع بقيامي وَأَجْلسهُ مَعَه على طرف الدست فَمَا مَضَت سَاعَة حَتَّى استدعاه المعتضد فَدخل إِلَيْهِ وَغَابَ ثمَّ حضر وَأخذ بِيَدِهِ إِلَى مَكَان خلوته وَقَالَ إِن الْخَلِيفَة طلبني بسببك لِأَنَّهُ كُوتِبَ بخبرنا وَأنكر عَليّ وَقَالَ تبذل مجْلِس الوزارة لتاجر وَلَو كَانَ هَذَا لصَاحب طرف كَانَ مَحْظُورًا أَو ولي عهد كَانَ كثيرا فَقلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لم يذهب عَليّ حق الْمجْلس وَلَكِن لي عذر وأخبرته خبري مَعَك فَقَالَ أما الْآن فقد عذرتك ثمَّ قَالَ لَهُ إِنِّي قد شهرتك شهرة إِن لم يكن مَعَك ألف دِينَار معدة للنكبة هَلَكت فَيجب أَن نحصلها لَك لهَذِهِ)
الْحَالة فَقَط صم نحصل لَك نعْمَة بعْدهَا ثمَّ قَالَ هاتم فلَان الْكَاتِب فجَاء فَقَالَ أحضر السَّاعَة التُّجَّار وسعر ماية ألف كرّ من غلات السُّلْطَان بِالسَّوَادِ عَلَيْهِم فَخرج وَعَاد وَقَالَ قررت مَعَهم ذَلِك فَقَالَ بِعْ على أبي عبد الله هَذِه الْغلَّة بِنُقْصَان دِينَار وَاحِد بِمَا أَقرَرت بِهِ السّعر مَعَ التُّجَّار وبعه لَهُم بالسعر الَّذِي قَرّرته مَعَهم وطالبهم السَّاعَة بِفضل مَا بَين السعرين وأخرهم بِالثّمن إِلَى أَن يتسلموا الغلال واكتب إِلَى النواحي بتقبيضهم ذَلِك فَقَالَ من الْمجْلس وَقد حصل لَهُ ماية ألف دِينَار ثمَّ قَالَ لَهُ إجعل هَذِه أصلا لنعمتك وَلَا يسألنك أحد من الْخلق شَيْئا إِلَّا أخذت رقعته ووافقته على أُجْرَة ذَلِك
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute