فَقَالُوا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إسقنا دم هَذَا الْمُنَافِق قَالَ الْآن وَقد آمنته وَصَارَ فِي منزلي وعَلى بساطي فاستأذنه فِي الْإِنْشَاء فَأذن لَهُ فأنشده
(عَاد لَهُ من كَثِيرَة الطَّرب ... فعينه بالدموع تنسكب)
(كوفية نازح محلتها ... لَا أُمَم دارها وَلَا صقب)
(وَالله مَا إِن صبَّتْ إِلَيّ وَلَا ... يعرف بيني وَبَينهَا سبّ)
(إِلَّا الَّذِي أورثت كَثِيرَة فِي ال ... قلب وللحب سُورَة عجب)
حَتَّى قَالَ فِيهَا
(إِن الْأَغَر الَّذِي أَبوهُ أَبُو ال ... عاصي عَلَيْهِ الْوَقار والحجب)
(يعتدل التَّاج فَوق مفرقه ... على جبين كَأَنَّهُ الذَّهَب)
فَقَالَ لَهُ عبد الْملك يَا ابْن قيس تمدحني بالتاج كَأَنِّي من الْعَجم وَتقول فِي مُصعب
(إِنَّمَا مُصعب شهَاب من الله ... تجلت عَن وَجهه الظلماء)
)
(ملكه ملك عزة لَيْسَ فِيهِ ... جبروت مِنْهُ وَلَا كبرياء)
أما الْأمان فقد سبق لَك وَلَكِن وَالله لَا تَأْخُذ مَعَ الْمُسلمين عَطاء أبدا فَعَاد ابْن قيس إِلَى عبد الله بن جَعْفَر وَقَالَ لَهُ وَمَا يَنْفَعنِي أماني تركت حَيا كميت لَا آخذ عَطاء فَقَالَ لَهُ عبد الله كم سنك قَالَ سِتُّونَ سنة قَالَ فعمر نَفسك فَقَالَ عشْرين سنة أُخْرَى قَالَ كم عطاؤك قَالَ أَلفَانِ فَأمر لَهُ عبد الله بِأَرْبَعِينَ ألفا وَقَالَ ذَلِك عَليّ حَتَّى تَمُوت على تعميرك نَفسك فَقَالَ يمدحه
(تقدت بِي الشَّهْبَاء نَحْو ابْن جَعْفَر ... سَوَاء عَلَيْهَا لَيْلهَا ونهارها)
(تزور امْرَءًا قد يعلم الله أَنه ... تجود لَهُ كف قَلِيل غرارها)
(أَتَيْنَاك نثني بِالَّذِي أَنْت أَهله ... عَلَيْك كَمَا أثنى على الرَّوْض جارها)
(وَوَاللَّه لَوْلَا أَن تزور ابْن جَعْفَر ... لَكَانَ قَلِيلا فِي دمشق قَرَارهَا)
(إِذا مت لم يُوصل صديق وَلم ... يقم طَرِيق من الْمَعْرُوف أَنْت منارها)
(ذكرتك أَن فاض الْفُرَات بأرضنا ... وفاض بِأَعْلَى الرقمتين بحارها)
(وَعِنْدِي مِمَّا خول الله هجمة ... عطاؤك مِنْهَا شولها وعشارها)
(مباركة كَانَت عَطاء مبارك ... تمانح كبراها وتنمي صغارها)