وَمَا أَمر بِهِ وَمَال إِلَى غَيره اشْدُد قصب المحاجم وأرهف ظبة المشاريط وأسرع الْوَضع وَعجل النزع وَليكن شرطك وخزا ومصك لهزا وَلَا تزدن آتِيَا وَلَا تكرهن آبيا فَوضع الْحجام محاجمه فِي قفته وَقَالَ يَا قوم هَذَا رجل قد ثار بِهِ مرار ولاينبغي أَن يخرج دَمه فِي هَذَا الْوَقْت وَانْصَرف وَقَالَ يَوْمًا لغلامه أصعقت العتاريق فَقَالَ لَهُ الْغُلَام زقفيلم فَقَالَ أَبُو عَلْقَمَة وَمَا زقفيلم فَقَالَ الْغُلَام وَمَا صعِقَتْ العتاريق قَالَ قلت لَك أصاحت الديوك فَقَالَ الْغُلَام وَأَنا قلت لَك لم يَصح مِنْهَا شَيْء وَكَانَ يَوْمًا يسير على بغلة فَنظر إِلَى عَبْدَيْنِ حبشِي وصقلبي فَإِذا الحبشي قد ضرب بالصقلبي الأَرْض وَأدْخل ركبيتيه فِي بَطْنه أَصَابِعه فِي عَيْنَيْهِ وعض أُذُنَيْهِ وضربه بعصا فَشَجَّهُ وأسال دَمه فاستشهد الصقلبي بِأبي عَلْقَمَة فَقَالَ احمله إِلَى الْأَمِير فَحَمله وَقَالَ لأبي عَلْقَمَة اشْهَدْ لي فَنزل عَن بغلته وَجلسَ بَين يَدي الْأَمِير فَقَالَ لَهُ بِمَ تشهد يَا أَبَا عَلْقَمَة فَقَالَ أَبُو عَلْقَمَة أصلح الله الْأَمِير بَينا أَنا أَسِير على كوذني هَذَا إِذْ مَرَرْت بِهَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ فَرَأَيْت هَذَا الأسحم قد مَال على هَذَا الأبقع فمطأه على فدفد ثمَّ ضغطه برضفتيه فِي أحشائه حَتَّى ظَنَنْت أَنه يدمج جَوْفه وَجعل يلج بشناتوه فِي جحمتيه يكَاد يفقؤهما وَقبض على صنارتيه بمبرمه فكاد يجذهما جذا ثمَّ علاهُ بمسنأة كَانَت مَعَه فعجفه بهَا وَهَذَا أثر الجريال بَينا وَأَنت أَمِير عَادل فَقَالَ الْأَمِير وَالله مَا فهمت شَيْئا مِمَّا قلته فَقَالَ أَبُو عَلْقَمَة قد فهمناك إِن فهمت وأعلمناك إِن علمت وَأديت إِلَيْك مَا علمت وَمَا أقدر أَن أَتكَلّم بِالْفَارِسِيَّةِ فَجعل الْأَمِير يجْهد أَن يكْشف الْكَلَام وَلَا يفعل حَتَّى ضَاقَ صدر الْوَالِي فَقَالَ للصقلبي أَعْطِنِي خنجرا فَأعْطَاهُ فكشف لَهُ رَأسه فَقَالَ لَهُ شجنى خمْسا وأعفني من شَهَادَة هَذَا عَلْقَمَة الشَّاعِر كَانَ مَوْجُودا فِي سنة سبع وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة وَهُوَ من شعراء بدر الجمالي أَمِير الجيوش قيل إِن الشُّعَرَاء وقفُوا بِبَاب بدر الْمَذْكُور فَلم يَأْذَن لأحد مِنْهُم وَخرج بدر إِلَى الصَّيْد فَخرج عَلْقَمَة الشَّاعِر فِي إثره وَعمل فِي عمَامَته ريش النعام كَأَنَّهُ مظلوم فَلَمَّا قرب مِنْهُ أنْشدهُ // (من الْكَامِل) //
(نَحن التُّجَّار وَهَذِه أعلاقنا ... ذَر وجود يَمِينك المتباع)
(قلب وفتشها بسمعك إِنَّمَا ... هِيَ جَوْهَر تختاره الأسماع)
(كسدت علينا بِالشَّام وَكلما ... قل النِّفَاق تعطل الصناع)
(فأتاك بحملها إِلَيْك تجارها ... ومطيها الآمال والأطماع)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute