غَرِيبَة جَيِّدَة وَكَانَ إِذا أعجبه الْمَعْنى كَرَّرَه فِي عدَّة مَوَاضِع فِي قواف مُخْتَلفَة وَقَالَ الخالديان لم نر كَابْن الرُّومِي إِذا انْفَرد بِالْمَعْنَى جوده وَإِذا تنَاوله من غير قصر فِيهِ قلت أَنا الْعلَّة فِيهِ أَنه شَاعِر فَحل فَإِذا أَخذ بكرا جوده وأتى فِيهِ بأجود مَا يُقَال وَهُوَ لَا يَأْخُذ إِلَّا من فحلٍ مثله وَيكون ذَلِك قد أَخذ الْمَعْنى بكرا فَذهب بجيده وَترك رويه وَقد بَالغ ابْن سناء الْملك رَحمَه الله حَيْثُ أجَاب القَاضِي الْفَاضِل وَقد أمره بِاخْتِيَار شعر ابْن الرُّومِي فَقَالَ وَأما مَا أَمر بِهِ فِي شعر ابْن الرُّومِي فَمَا الْمَمْلُوك من أهل اخْتِيَاره وَلَا من الغواصين الَّذين يستخرجون الدّرّ من بحاره لِأَن بحاره زخارة وأسوده زآره ومعدن تبره مردوم بِالْحِجَارَةِ)
وعَلى كل عقيلة مِنْهُ ألف نقاب بل ألف ستارة يطْمع ويؤيس ويوحش وَيُؤْنس وينير وَيظْلم وَيُصْبِح ويعتم شذره وبعره ودره وآجره وَقَبله تجانبها السبة وصرة بجوارها قحبة ووردة قد خف بهَا الشوك وبراعة قد غطى عَلَيْهَا النوك لَا يصل الِاخْتِيَار إِلَى الرّطبَة حَتَّى يخرج بالسلى وَلَا يَقُول عاشقها هَذِه الْملح قد أَقبلت حَتَّى يرى الْحسن قد تولى فَمَا الْمَمْلُوك من جهابذته وَكَيف وَقد تفلس فِيهِ الْوَزير وَلَا من صيارفته ونقاده وَلَو اخْتَارَهُ جرير لأعياه تَمْيِيز الخيش من الوشي والوبر من الْحَرِير
حكى ابْن رَشِيق وَغَيره أَن لائماً لَام ابْن الرُّومِي فَقَالَ لَهُ لم لَا تشبه كتشبيهات ابْن المعتز وَأَنت أشعر مِنْهُ قَالَ لَهُ أَنْشدني شَيْئا من قَوْله الَّذِي استعجزتني فِي مثله فأنشده قَوْله فِي الْهلَال من الْكَامِل
(وَانْظُر إِلَيْهِ كزورقٍ من فضةٍ ... قد أثقلته حمولة من عنبر)
فَقَالَ لَهُ زِدْنِي فأنشده قَوْله من مجزوء الرجز
(كَأَن آذريونها ... وَالشَّمْس فِيهَا كاليه)
(مداهن من ذهب ... فِيهَا بقايا غاليه)
فصاح واغوثاه تالله لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا ذَاك إِنَّمَا يصف ماعون بَيته لِأَنَّهُ ابْن خَليفَة وَأَنا أَي شَيْء أصف وَلَكِن انْظُرُوا إِذا أَنا وصفت مَا أعرف أَيْن يَقع قولي من النَّاس هَل لأحد قطّ مثل قولي فِي قَوس الْغَمَام وَأنْشد من الطَّوِيل
(وسَاق صبيح للصبوح دَعوته ... فَقَامَ وَفِي أجفانه سنة الغمض)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute