للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فَارِسًا بطلاً فَقِيها شَاعِرًا أديباً بليغاً ملك ديار مصر وديار بكر ودمشق وحلب وَكَانَت حلب دَار ملكه ومقر عزه وَله مَعَ الرّوم أَرْبَعُونَ وقْعَة لَهُ وَعَلِيهِ وَمَعَ غَيرهم مَا لَا يُحْصى قَالَ سِنَان بن ثَابت أحصى من وَفد عَلَيْهِ من الأجناد وَأَصْحَاب السُّلْطَان وَالْكتاب وَالشعرَاء وعرب الْبَريَّة وأصناف النَّاس وَذَلِكَ فِي عشر الْأَضْحَى فَكَانُوا اثْنَي عشر ألفا وَمِائَتَيْنِ فأنفذ لكل وَاحِد من الْأُضْحِية على قدره من مائَة إِلَى شَاة وَلَزِمَه فِي فدَاء الأسرى سنة خمس وَخمسين وَثَلَاث مائَة سِتّ مائَة ألف دِينَار وَكَانَ ذَلِك خَاتِمَة عمله لِأَنَّهُ مَاتَ بعد ذَلِك بِقَلِيل وَاشْترى كل أَسِير من الضُّعَفَاء بِثَلَاثَة وَثَمَانِينَ دِينَارا وَثلث دِينَار رُومِية فَأَما الجلة من الأسرى ففادى بهم أُسَارَى عِنْده من الرّوم من رُؤَسَائِهِمْ وَكَانَت أُخْته قد توفيت وخلفت خمس مائَة ألف دِينَار فصرفها فِي هَذَا الْوَجْه فَقَالَ الببغاء من الْكَامِل

(مَا المَال إِلَّا مَا أَفَادَ ثَنَاء ... مَا الْعِزّ إِلَّا مَا حمى الْأَعْدَاء)

(وفديت من أسر الْعَدو معاشراً ... لولاك مَا عرفُوا الزَّمَان فدَاء)

(كَانُوا عبيد نداك ثمَّ شريتهم ... فَغَدوْا عبيدك نعْمَة وَشِرَاء)

)

وَكَانَ سيف الدولة بليغاً كتب إِلَى أبي فراس كتابي ويدي فِي الْكتاب ورجلي فِي الركاب وَأَنا أسْرع من الرّيح الهبوب وَالْمَاء إِلَى الأنبوب ومولده بِبَغْدَاد سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاث مائَة وَتُوفِّي سنة سِتّ وَخمسين وَثَلَاث مائَة بالفالج وَقيل بعسر الْبَوْل بحلب فِي شهر صفر وَحمل إِلَى ميافارقين وَدفن عِنْد أمه وَكَانَ قد جمع من نفض الْغُبَار الَّذِي يجْتَمع عَلَيْهِ أيا الحروب مَا جَاءَ مِنْهُ لبنة بِقدر الْكَفّ فأوصى أَن يوضع خَدّه عَلَيْهَا فِي قَبره فَفعل بِهِ ذَلِك

وَلما مَاتَ سيف الدولة تولى أمره القَاضِي أَبُو الْهَيْثَم ابْن أبي حُصَيْن وغسله عبد الحميد بن سهل الْمَالِكِي قَاضِي الْكُوفَة سبع مَرَّات أَولا بِالْمَاءِ والسدر ثمَّ بالصندل ثمَّ بالذريرة ثمَّ بالعنبر ثمَّ بالكافور ثمَّ بِمَاء الْورْد ثمَّ بالمسك ثمَّ بِمَاء قراح ونشف بِثَوْب دبيقي ثمنه خَمْسُونَ دِينَارا

وكفن فِي سَبْعَة أَثوَاب تَسَاوِي ألفي دِينَار فِيهَا قَمِيص قصب بعد أَن صَبر بِمِائَة مِثْقَال غَالِيَة ومنوين كافور وَصلى عَلَيْهِ أَبُو عبد الله الأقساسي الْعلوِي الْكُوفِي وَكبر عَلَيْهِ خمْسا وَحمل فِي تَابُوت إِلَى ميافارقين

وَملك بعده ابْنه سعد الدولة وَيُقَال إِنَّه فِي أَيَّامه لَقِي جندي جندياً من أَصْحَاب سيف الدولة فَقَالَ لَهُ كَيفَ أَنْتُم فَقَالَ كَيفَ نَحن وَقد بلينا بشاعر كَذَّاب وسلطان خَفِيف الركاب يَعْنِي بذلك المتنبي فِي أمداحه لسيف الدولة وَكَانَ سيف الدولة قد استولى أَولا

<<  <  ج: ص:  >  >>