(تمتّع من شميم عرار نجد ... فَمَا بعد العشية من عرار)
وَكَانَ قد شرح كتاب سِيبَوَيْهٍ فجَاء إِلَيْهِ يَوْمًا أحد بني رضوَان التَّاجِر فنازعه فِي مَسْأَلَة فَقَامَ مغضباً وَأخذ الشَّرْح فَجعله فِي إجانة وصب عَلَيْهِ المَاء وغسله وَجعل يلطم بِهِ الْحِيطَان وَيَقُول لَا أجعَل أَوْلَاد البقالين نحاة
وَكَانَ مبتلى بالكلاب سَأَلَ يَوْمًا أَوْلَاد الأكابر الَّذين يحْضرُون عِنْده أَن يمضوا مَعَه إِلَى كلواذا فظنوا ذَلِك لحَاجَة عرضت لَهُ هُنَاكَ فَرَكبُوا خيولاً وَخَرجُوا وَجعل هُوَ يمشي بَين أَيْديهم فَسَأَلُوهُ الرّكُوب فَأبى عَلَيْهِم فَلَمَّا صَار بخرابها أوقفهم على ثلم وَأخذ كسَاء وعصاً وَمَا زَالَ يعدو إِلَى كلب هُنَاكَ وَالْكَلب يثب عَلَيْهِ تَارَة ويهرب مِنْهُ أُخْرَى حَتَّى أعياه فعاونوه حَتَّى أمسكوه وعض على الْكَلْب بِأَسْنَانِهِ عضاً شَدِيدا وَالْكَلب يستغيث ويزعق فَمَا تَركه حَتَّى اشتفى وَقَالَ هَذَا عضني مُنْذُ أَيَّام وَأُرِيد أُخَالِف قَول الأول من السَّرِيع
(شاتمني كلب بني مسمعٍ ... فصنت عَنهُ النَّفس والعرضا)
(وَلم أجبه لاحتقاري بِهِ ... وَمن يعَض الْكَلْب إِن عضا)
وصنف كتاب شرح الْإِيضَاح للفارسي كتاب شرح مُخْتَصر الْجرْمِي كتاب البديع فِي النَّحْو كتاب شرح الْبلْغَة كتاب مَا جَاءَ فِي الْمَبْنِيّ على فعال كتاب التَّنْبِيه على خطأ ابْن جني فِي فسر شعر المتنبي
إِبْنِ وهاس الْعلوِي اليمني عَليّ بن عِيسَى بن حَمْزَة بن وهاس بن أبي الطّيب يعرف بِابْن وهاس من ولد سُلَيْمَان بن حسن بن حُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب توفّي بِمَكَّة سنة نَيف وَخمسين وَخمْس مائَة وَهُوَ فِي)
عشر الثَّمَانِينَ وَأَصله من الْيمن وَكَانَ شريفاً جَلِيلًا من أهل مَكَّة وشرفائها وَله قريحة فِي النّظم والنثر وَله تصانيف مفيدة قَرَأَ على الزَّمَخْشَرِيّ بِمَكَّة وبرز عَلَيْهِ وصرفت عَنهُ الطّلبَة إِلَيْهِ توفّي فِي أول ولَايَة الْأَمِير عِيسَى بن فليتة وَكَانَ النَّاس يَقُولُونَ مَا جمع الله لنا بَين ولَايَة عِيسَى وَبَقَاء عَليّ بن عِيسَى وَمن شعره من الوافر
(صلي حَبل الْمَلَامَة أَو فبتي ... ولمي من عتابك أَو أشتي)
(هِيَ الأنضاء عَزمَة ذِي هموم ... فحسبك والملام وَلَا هبلت)
(إِلَيْك فلست مِمَّن يطبيه ... ملام أَو يريع إِذا أهبت)
(حَلَفت بهَا تواهق كالحنايا ... بقايا أَصبَحت كثمال قلت)
(سواهُم كالجنايا زاحرات ... تراكع من وجاً ودباً وعنت)
(جوازع بطن نَخْلَة عابرات ... تؤم الْبَيْت من خمس وست)
(أَزَال أذيب أنضاء طلاحاً ... بِكُل ملمع القفرات مرت)
(وأرغب عَن مَحل فِيهِ أضحت ... حبال الْمجد تضعف عِنْد متي)
النقاش الْبَغْدَادِيّ الطَّبِيب عَليّ بن عِيسَى بن هبة الله أَبُو الْحسن النقاش سمع من هبة الله بن الْحصين حضوراً سنة إِحْدَى وَعشْرين وَخمْس مائَة وَقَرَأَ الطبيعيات واشتغل بهَا واشتهر عَنهُ التهاون بِأُمُور الشَّرْع ومداومة شرب الْخمر وَنقل عَنهُ إِلَى الصاحب الْوَزير ابْن هُبَيْرَة أَنه تكلم فِي الْقُرْآن بِمَا لَا يجوز فأهدر دَمه فَخرج من بَغْدَاد وَسكن دمشق إِلَى أَن توفّي بهَا سنة أَربع وَسبعين وَخمْس مائَة
واتصل بِنور الدّين الشَّهِيد وَقدم رَسُولا إِلَى بَغْدَاد سنة سبع وَسِتِّينَ وَخمْس مائَة وَحدث بهَا عَن أَبِيه وَابْن الْحصين كَذَا قَالَ محب الدّين ابْن النجار انْتَهَت قلت وَأَظنهُ مهذب الدّين ابْن النقاش الطَّبِيب الأديب صَاحب أَمِين الدولة ابْن التلميذ طب بِدِمَشْق وَرَأس بهَا واشتهر ذكره
وخدم نور الدّين بالطب والإنشاء وباشر فِي مارستانه ثمَّ خدم صَلَاح الدّين وأوقعه الله فِي لِسَان الوهراني وَفِيه وضع الْمَنَام الْمَشْهُور عَنهُ وَقد مر طرف فِي تَرْجَمَة الوهراني
وَتُوفِّي مهذب الدّين سنة أَربع وَسبعين وَخمْس مائَة وَمن شعره من المتقارب
(رزقت يساراً فوافيت من ... قدرت بِهِ حِين لم يرْزق)
)
(وأتلفت من بعده فاعتذرت ... إِلَيْهِ اعتذار أَخ مملق)
(وَإِن كَانَ يشْكر فِيمَا مضى ... بذا فسيعذر فِيمَا بَقِي)
وَمن شعر النقاش من الْكَامِل المجزوء كَيفَ السلو وَقد تملك مهجتي من غير أَمْرِي